للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوقوف من رسل الله ودعاة الخير موقف التعطيل والعناد. فإذا جاءتهم آية كابروا وقالوا لا نصدق حتى نرى وندرك ما يراه رسل الله ويدركونه. وردّ عليهم بأن كيدهم لن يضرّ غيرهم ومكرهم لن يحيق إلّا بهم دون أن يشعروا. وتقرير بأن الله تعالى يعلم أين يضع رسالته، وكيف يصطفي ويختار رسله من بين الناس وإنذار قاصم بأن الماكرين المجرمين سيصيبهم هوان وذلة عند الله، وسينالهم العذاب الشديد جزاء مكرهم وكيدهم.

والتنديد الشديد بالمجرمين من القرائن على صواب تأويلنا للجملة الأولى الذي أولنا به جملة مماثلة في الآية [١١٢] من هذه السورة والآية [٣١] من سورة الفرقان، وبه يزول ما يمكن أن يوهمه ظاهر الجملة من أن الله تعالى هو الذي يسوق الأكابر إلى الإجرام والصد أو يجعل أكابر المجرمين يسودون.

تعليق على آية وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ

وقد روى المفسرون «١» أن الآيات نزلت بمناسبة قول الوليد بن المغيرة من زعماء قريش لو كانت النبوة حقا لكنت أولى منك بها لأني أكبر منك سنا وأكثر مالا، أو بمناسبة قول أبي جهل: «زاحمنا بني عبد مناف في الشرف حتى إنا صرنا كفرسي رهان فقالوا منا نبي يوحى إليه، والله لا نؤمن به ولا نتبعه أبدا إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه» . والرواية متسقة مع مضمون الآيات. وفي سورة ص آية تحكي تساؤل زعماء الكفار بأسلوب الاستكبار والإنكار عن اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بنزول القرآن عليه من دونهم وهي: أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا [٨] ، وفي سورة الزخرف آية تحكي قول زعماء الكفار بأنه كان يجب أن ينزل القرآن على أحد عظماء مكة أو الطائف وهي: وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ


(١) انظر تفسير الآيات في تفسير البغوي والطبرسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>