للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يمكن تجنّبه. والتعبير يلهم تقرير كون المرء إنما يؤاخذ إذا تعمد الغش. أما إذا انتفت نية ذلك فلا محل للتشدد إلى درجة الوسواس. ويكفي المرء أن يبذل جهده. ولقد أورد ابن كثير حديثا أخرجه ابن مردويه عن سعيد بن المسيب قال:

«قال رسول الله من أوفى على يده في الكيل والميزان والله يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما لم يؤاخذ» . والحديث لم يرد في الصحاح ولكنه متساوق مع روح الآية والمبدأ بإطلاقه أي لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها البقرة: [٢٨٦] من المبادئ القرآنية المحكمة وقد ورد مثل هذا التعبير في الآية [٤٢] من سورة الأعراف وعلقنا عليه بما فيه الكفاية.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٥٤ الى ١٥٧]

ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧)

. (١) أن تقولوا: لئلا تقولوا.

(٢) عن دراستهم: عن كتبهم أو لغتهم.

(٣) صدف: أعرض أو انحرف أو انصرف.

في الآيات أولا: تقرير رباني بأن الله تعالى قد آتى موسى الكتاب تماما على الذي أحسن ومفصلا لكل ما يحتاج إليه قومه ليكون لهم فيه الهدى والرحمة فيؤمنوا بالله ولقائه وإشارة تنويهية إلى القرآن وتقرير كونه مباركا ودعوة العرب إلى اتباعه وتقوى الله في أعمالهم لعلهم يكونون بذلك مظهر رحمة الله أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>