للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمر آخر للنبي صلى الله عليه وسلم بتوكيد القول الأول بأن ربه هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويضيقه على من يشاء وأنه هو الذي يخلف على المنفقين ما أنفقوه وهو خير الرازقين.

ولقد أورد ابن كثير حديثا رواه ابن أبي حاتم عن أبي رزين قال: «كان رجلان شريكين خرج أحدهما إلى السّاحل وبقي الآخر فلمّا بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم كتب إلى صاحبه يسأله ما فعل فكتب إليه إنّه لم يتبعه أحد من قريش إنّما اتّبعه أراذل الناس ومساكينهم فترك تجارته ثم أتى صاحبه فقال: دلّني عليه وكان يقرأ الكتب فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إلى ما تدعو؟ قال: أدعو إلى كذا وكذا، قال: أشهد أنك رسول الله، قال: وما علمك بكذا؟ قال: إنّه لم يبعث نبيّ إلّا اتّبعه أراذل الناس ومساكينهم فنزلت الآية: وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) فأرسل إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم إنّ الله عزّ وجلّ قد أنزل تصديق ما قلت» .

وهذه الرواية لم ترد في مساند الصحاح وهي غريبة فليس صحيحا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتبعه في بدء أمره أحد من قريش ولم يتبعه إلا أراذل الناس ومساكينهم فقط.

والثابت اليقيني أن خديجة وأبا بكر وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد والزبير بن العوام وفاطمة بنت الخطاب زوجة سعيد رضي الله عنهم كانوا من الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثته في برهة قصيرة»

. وهم من بيوتات قريش ثم تبعهم في السنين الثلاث الأولى عشرات الرجال والنساء من مختلف بيوتات قريش من بني أمية وبني هاشم وبني مخزوم وبني عبد الدار وبني التيم وبني عدي وبني جمح وبني سهم وبني عامر رضي الله عنهم بحيث يكفي هذا الواقع اليقيني لتفي الرواية كسبب لنزول الآية أو تصديقا لما روي من قول الرجل إنه لا يتبع الأنبياء إلّا أراذل الناس ومساكينهم.


(١) اقرأ أسماء المهاجرين الأولين في ابن هشام، ج ١ ص ٣٢١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>