للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدر البنات والإناث ومركزهن وتهوين شأنهن بالنسبة للبنين والذكور والذي يتبادر لنا أن ما ورد في الآيات هنا وفي آيات أخرى جاءت في مثل المناسبة التي جاءت فيها هذه الآيات هو تعبير عما كان سائدا في أذهان العرب الذين تندد الآيات بمشركيهم واعتباراتهم لتكون الحجة فيها أشد إلزاما وإفحاما. وليس هو رأي القرآن المباشر في المرأة وبخاصة المسلمة، أما هذا الرأي فإن ما ورد في القرآن المكي والمدني معا يسوّغ القول إنه قد رفع من شأنها ومركزها اللذين كانا منخفضين في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وبيئته، بل جعلها مساوية للرجل في كل شيء تقريبا.

فقد اعتبرها والرجل متساويين في أصل الخلقة، ونشوء الجنس والرابطة الزوجية على ما نبهنا عليه في مناسبات سابقة، واعتبرها أهلا لكل تكليف كلّف به الرجل، وكل واجب أوجب عليه وكل خطاب خوطب به، وأباح لها كل ما أباح له وحرّم عليها كل ما حرّم عليه ومنحها كل ما منحه، ورتب عليها كل نتيجة ر؟ ها عليه من كل ذلك في الحياة الدنيا والآخرة معا. واعتبرها صاحبة الحق في كل تصرف من التصرفات الشخصية والمدنية والملية المشروعة دون أن يتوقف ذلك على إذن الرجل مهما كانت نسبته إليها، وثبت حقها في الإرث ومنحها فيه ما فيه الكفاية بل وأكثر من الكفاية مما هو من مفاخر الشريعة الإسلامية ومفرداتها ومعجزاتها الباهرة التي رشحتها للخلود. وما قد يكون هناك من بعض التحفظات والاستدراكات القرآنية فإنه متصل بالحياة الزوجية أو بطبيعتها الجنسية وليس من شأنه أن ينتقص مما ذكرناه شيئا على ما سوف نشرحه في مناسباته إن شاء الله، وهو من الكثرة والتنوع بما لا يتسع له المقام هنا.

[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٢٠ الى ٢٢]

وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢)

. (١) ما عبدناهم: الضمير راجع إلى الملائكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>