للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إدراك أهداف الرسالة الإسلامية وأخلص في الاندماج فيها.

وجملة وَمَنْ صَلَحَ قيد احترازي كما هو المتبادر لإخراج غير الصالحين من تبعية ومرتبة الصالحين من المؤمنين مهما كانت صلات القربى بينهم وشيجة. ومثل هذا القيد ورد في سور سبق تفسيرها مثل آية سورة غافر [٨] وآية سورة الذاريات [٢١] حيث يبدو أن حكمة التنزيل اقتضت توكيد هذا المعنى مرة بعد مرة. وهي حكمة جليلة المدى والمغزى بدون ريب. ومما انطوى فيها كما يتبادر حضّ ذوي الصالحين من آباء وأزواج وذرية على اللحاق بأعمالهم بالصالحين منهم لينالوا مرتبتهم عند الله تعالى.

ويتبادر لنا معنى عظيم لمدى تعبير الوفاء بعهد الله في هذا المقام من حيث إن المرء بدخوله في دين الله يكون قد عاهد ربّه على القيام بجميع ما أمر به واجتناب جميع ما نهى عنه من أخلاق شخصية واجتماعية وواجبات شخصية واجتماعية أيضا.

ولقد قال البغوي في سياق تفسير جملة وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ إن الأكثرية على أن الجملة هي في صدد صلة الرحم ثم أخذ يورد أحاديث نبويّة في ذلك رواها بطرقه منها حديث عن عبد الرّحمن بن عوف قال: «سمعت رسول الله يحكي ربّه عزّ وجلّ قال أنا الله والرّحمن خلقت الرحم وشققت لها من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته» «١» . وحديث عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق فلمّا فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقوي الرّحمن فقال مه قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى يا ربّ قال فذاك لك ثم قال أبو هريرة اقرأوا إن شئتم فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ [محمد: ٢٢] » «٢» .

وحديث عن عبد الرّحمن بن عوف قال: «قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ثلاثة تحت العرش يوم


(١) روى هذا الحديث الترمذي وأبو داود أيضا. انظر التاج ج ٥ ص ١٠.
(٢) روى هذا الحديث الشيخان أيضا، انظر المصدر نفسه ص ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>