للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) أمشاج: وهي جمع مشج أو مشيج بمعنى أخلاط. وقيل القصد من ذلك تكوّن الإنسان من اختلاط ماءي الرجل والمرأة. وإن كلّ لونين اختلطا فهما أمشاج. وقيل إنها إشارة إلى ما يتقلّب فيه نشوء الإنسان من أطوار وهو جنين.

(٣) نبتليه: نختبره، ومن الممكن أن تحمل على التعليل فيكون معناها لكي نختبره. ومن الممكن أن تحمل على التقرير فيكون معناها سوف نختبره.

الآيات تضمنت معنى التقرير والتذكير والعظة والتنبيه. فقد مرّ دهر طويل لم يكن الإنسان فيه موجودا ولا شيئا مذكورا. ثم خلقه الله من نطفة مختلطة متطورة.

وجعله سميعا وبصيرا، ثم أودع فيه قابلية التمييز واختيار السبيل الذي يسير فيه ليختبره في سيره واختياره ليظهر إما أن يكون شاكرا لله في إيمانه وعمله الصالح أو جاحدا شريرا.

وأسلوب الآيات تقريري ينطوي على عرض عام. وفيها توكيد لما قرره القرآن في مواضع كثيرة من قابلية الإنسان للتمييز واختيار الطريق الذي يسير فيه ومسؤوليته عن هذا الاختيار.

ولقد أورد ابن كثير في سياق الآيتين الأخيرتين حديثا عن جابر بن عبد الله قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كلّ مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا» . وحديثا رواه الإمام مسلم عن أبي مالك الأشعري قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كلّ الناس يغدو فبائع نفسه فموبقها أو معتقها» . حيث ينطوي في الحديثين توضيح نبوي داعم للتوكيد الذي ينطوي في الآيات وغيرها من قابلية الإنسان للتمييز والاختيار ومسؤوليته عن ذلك.

[سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ٤ الى ٦]

إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً (٤) إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (٥) عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦)

. (١) مزاجها: المادة التي يمزج بها الشراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>