للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تعددت أقوال وروايات المفسرين «١» في من عنته الآيات فقالوا إنهم النصارى، وقالوا إنهم اليهود، وقالوا إنهم المشركون. وكل من هؤلاء قد نسب الولد لله سبحانه وتعالى وفي سورة التوبة آية تحكي عقيدة اليهود بأن العزير ابن الله: وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) أما دعوى المشركين والنصارى فقد حكتها آيات كثيرة مكية ومدنية. وقد حكت آيات مكية ومدنية كثيرة تحدي المشركين واليهود النبي بالإتيان بالمعجزات ومنها ما هو من نوع ما ذكرته الآية الثانية «٢» .

غير أن عطف الآيات على ما قبلها وكونها من سلسلة طويلة في حق بني إسرائيل وأفعالهم ومواقفهم يجعلنا نرجح أن اليهود هم المقصودون في الآيات.

ولعل جملة الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قرينة على أن المقصود هم اليهود في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث كان أجدادهم يطلبون من موسى أن يريهم الله جهرة تارة وأن يكلمهم الله تارة وأن يأتيهم بالآيات تارة على ما ذكرته بعض آيات السلسلة على سبيل التذكير والتنديد. وبهذا الذي نرجو أن يكون صوابا تكون هذه الآيات حلقة من سلسلة الآيات الواردة في يهود بني إسرائيل أيضا.

ولقد ورد أن وصف اليهود بجملة لا يَعْلَمُونَ فيه نظر، لأنهم كانوا يوصفون بأهل العلم وأهل الكتاب ووصفوا بذلك في القرآن. وقد أجاب القاسمي على هذا جوابا سديدا وهو أن الله تعالى نفى عنهم العلم بطلبهم ما طلبوا لأن ذلك لا يطلبه من عنده علم، وقد يصح أن يزاد على هذا أن النفي من قبل التبكيت والتنديد والله أعلم.

ولقد روى الطبري في صدد الآية الثالثة عن محمد بن كعب القرظي وابن


(١) انظر تفسيرها في كتب التفسير السابقة الذكر.
(٢) انظر آيات سورة آل عمران [١٨٣] والنساء [١٥٣] والأنعام [١٥٨] والنحل [٣٣] والفرقان [٢١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>