للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهما. فقالت: بئسما قلت يا ابن أختي، طاف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وطاف المسلمون وإنما كان من أهلّ لمناة الطاغية التي بالمشلّل لا يطوفون بين الصفا والمروة فأنزل الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [١٥٨] . فلو كان كما تقول لكانت فلا جناح عليه ألّا يطوف بهما. قال الزهري: فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن فأعجبه وقال: إنّ هذا العلم. وقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون إنما كان من لا يطوف بين الصفا والمروة من العرب يقول إن هذا من أمر الجاهلية. وقال آخرون من الأنصار: إنما أمرنا بالطواف بالبيت ولم نؤمر بين الصفا والمروة. فأنزل الله تعالى الآية. قال أبو بكر: فأراها نزلت في هؤلاء وهؤلاء» «١» . وهناك صيغ أخرى لهذا الحديث برواية الخمسة «٢» وبرواية الطبري أيضا وليس بينها تعارض. وهناك إلى هذا روايات تذكر أن الصفا والمروة كانتا مكان طواف وسعي في الجاهلية وأنه كان على إحداهما صنم اسمه (أساف) وعلى ثانيتهما صنم اسمه (نائلة) وأن العرب كانوا يقربون عندهما القرابين أو يتمسحون بهما في طوافهم. وأن بعض المسلمين تحرجوا من الطواف بينهما بسبب ذلك ومن الروايات ما يذكر أن أهل تهامة كانوا لا يطوفون بينهما «٣» .

والآية تلهم على كل حال أنها نزلت في صدد الحثّ على الطواف بينهما ورفع الحرج عن الطائفين. ومن المحتمل أن تكون نزلت بناء على سؤال أو بسبب التحرج من الطواف بينهما بعد الإسلام. وصيغة الآية تدل على أن هذا الطواف كان من تقاليد الحج الرئيسية الراسخة عند غالبية العرب. وروى المفسرون روايات تفيد أن ذلك متصل بأولية سكنى إسماعيل وأمّه في وادي مكة حيث عطش فأخذت تركض بحثا عن الماء بين الصفا والمروة، وقد ذكرنا ذلك بتفصيل أوفى في سياق تفسير سورة إبراهيم. والراجح أن هذا مما كان متداولا بين العرب. وأن مما كان


(١) التاج ج ٤ ص ٤٥ و ٤٦.
(٢) التاج ج ٢ ص ١٢١ و ١٢٢.
(٣) انظر كتب تفسير الطبري والخازن وابن كثير والطبرسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>