للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ما بعده. حتى لقد بقي إلى ما بعد صلح الحديبية مما انطوى في بعض الآيات إشارات إليه مثل آية سورة الممتحنة [١٠] وسورة التوبة [٢٣] «١» . وآية الممتحنة صريحة بأنه كان للمهاجرين زوجات كافرات إلى حين نزولها فأمروا بعدم الإمساك بعواصمهن. ولقد روي أن زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقيت في مكة ردحا من الزمن بعد الهجرة في عصمة زوجها أبي العاص الذي لم يكن آمن. وكان من أسرى المشركين في وقعة بدر فأرسلت قلادتها لافتدائه»

. حيث يبدو أن حكمة التنزيل اقتضت وضع حد لذلك بهذه الآية. وإذا كانت هذه الآية نزلت قبل آية الممتحنة وهو ما نرجحه والله أعلم فتكون قد هدفت إلى منع إنشاء زواجات جديدة بين المسلمين والمشركين إلى أن نزلت سورة الممتحنة بعد صلح الحديبية فقررت الآية التي نحن في صددها عدم حلّ المسلمات للمشركين والمشركات للمسلمين وأمرت بفصم عصمة الزواجات القائمة بينهم.

ويروي بعض المفسرين «٣» عن بعض أهل التأويل أن الآية كانت عند نزولها شاملة لجميع غير المسلمين بما فيهم الكتابيون لأن اعتقاد اليهود ببنوة العزير لله والنصارى ببنوة المسيح وألوهيته يجعلهم داخلين في عداد المشركين. كما يروي بعضهم عن بعض أهل التأويل أن الآية هي في حق مشركي العرب. وأصحاب القول الأول قالوا إن الآية نسخت في حق أهل الكتاب جزئيا بآية سورة المائدة الخامسة التي أحلت للمؤمنين التزوج بالحرائر من الكتابيات والآية تتحمل كلا القولين.

ويلحظ أن الآية احتوت تعليلا وحكمة تشريعية، وهذا من أساليب القرآن الهادفة إلى الإقناع والبيان. ومن مدى التعليل أن المشركين يدعون إلى ما يؤدي


(١) آية سورة التوبة في صدد عدم تولي الكافرين ولو كانوا أزواجهم وزوجاتهم. وآية سورة الممتحنة صريحة في النهي عن عدم التمسك بعصم الكوافر وعدم حلّ المسلمات للمشركين.
(٢) انظر سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٩٦- ٣٠٤.
(٣) انظر تفسير الآية في الطبري وابن كثير والطبرسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>