للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرثهم أنى شاءوا. ثم احتوت مواعظ لهم، فعليهم أن يراقبوا الله ويتقوه في جميع أعمالهم وأن يذكروا دائما أنهم ملاقوه وواقفون بين يديه، ثم أمرا للنبي صلّى الله عليه وسلّم بتبشير المؤمنين الصادقين المستجيبين لهذه المواعظ بحسب العواقب.

ولقد روى المفسرون أحاديث وأقوالا في نزول الآيتين ومداهما. من ذلك حديث يرويه الترمذي عن أنس قال: «كانت اليهود إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها ولم يجلسوا معها في بيت. فسئل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله الآيات فأمرهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يؤاكلوهنّ ويشاربوهنّ وأن يكونوا معهنّ في البيت وأن يفعلوا كلّ شيء إلّا النكاح. فقالت اليهود: ما يريد محمّد أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه، فجاء عبّاد بن بشر وأسيد بن حضير إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبراه بذلك وقالا: يا رسول الله أفننكحهن في المحيض؟ فتمعّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى ظننّا أنه غضب عليهما فاستقبلتهما هدية من لبن فأرسل لهما رسول الله فسقاهما فعلما أنه لم يغضب» «١» . وحديث ثان يرويه الترمذي والبخاري عن جابر قال: «كانت اليهود تقول: من أتى امرأته في قبلها من دبرها كان الولد أحول، فنزلت:

نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ» «٢» . وحديث ثالث يرويه الترمذي عن ابن عباس قال: «جاء عمر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: يا رسول الله هلكت! قال: وما أهلكك؟ قال: حوّلت رحلي الليلة. فلم يردّ عليه رسول الله، فنزلت: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ أقبل وأدبر واتّق الدبر والحيضة» «٣» . وهناك روايات لم ترد في كتب الأحاديث منها أن العرب كانوا لا يساكنون الحائض في بيت ولا يأكلون معها في إناء، فسألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله الآية. ومنها أن بعضهم كان يأتي النساء في الحيض من أدبارهن فسألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله الآيات.


(١) التاج ج ٤ ص ٥٥ وج ١ ص ١٠٣ و ١٠٤. ويفعل اليهود ذلك لأنهم مأمورون به في شريعتهم فخففه الله ورسوله عن المسلمين. اقرأ سفر الأحبار في أسفار العهد القديم وبخاصة الإصحاح ١٥.
(٢) انظر المصدر نفسه.
(٣) انظر المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>