للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي جاء فيها: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ ولو أنها جاءت في موضع متقدم. ويساق في صدد ذلك حديث رواه الخمسة عن زينب بنت أم سلمة قالت: «سمعت أمي تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفّي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ قال: لا. ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشر. وكانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول. قال حميد راوي الحديث عن زينب لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ قالت: كانت المرأة إذا توفّي عنها زوجها دخلت حفشا ولبست شرّ ثيابها ولم تمسّ طيبا ولا شيئا حتى تمرّ بها سنة ثم تؤتى بجلد دابة حمار أو شاة أو طير فتفتضّ به ثم تخرج. فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب وغيره» «١» . وقد عدّ بعضهم الآية على ضوء هذا الحديث ناسخة للآية [٢٤٠] لأنها جعلت المدة أربعة أشهر وعشرا بدلا من حول كامل. وهناك حديث رواه أبو داود عن ابن عباس يذكر أن الآية [٢٤٠] نسخت بهذه الآية «٢» . غير أن هناك من قال إن حكم الآية [٢٤٠] ظل محكما لأنها في حق الأرملة التي تريد أن تبقى في بيتها سنة كما كان الأمر قبل الإسلام. وهناك حديث يرويه البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: «قلت لعثمان: والذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج قد نسختها الآية التي سبقتها فلم تكتبها أو تدعها؟ قال يا ابن أخي: لا أغيّر شيئا منه عن مكانه» «٣» . وليس في جواب عثمان تأييد للنسخ وكل ما يفيده وهذا مهم أن ترتيب الآيتين كان منذ زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم وبأمره.

ومهما يكن من أمر فإن حديث زينب يفيد صحة ما ذهب إليه أصحاب القول الأول بشرط أن يعدل فيقال إن في الآية تعديلا للمدة من سنة إلى أربعة أشهر


(١) التاج ج ٢ ص ٣٢٩ و ٣٣٠ والحفش المخدع الحقير. ومعنى تفتضّ به تمسح به قبلها وجسمها من أثر الدم والقذر.
(٢) التاج ج ٤ ص ٥٦.
(٣) المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>