للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعليق على آية الكرسي]

الآية من جوامع الآيات القرآنية وروائعها في صدد تقرير وحدة الله وكمال صفاته وإحاطته وقدرته. فهو الإله الذي لا إله غيره. الحي الدائم الحياة، والقيم الدائم القيام بأمر خلقه، الذي تنزه عن أي نوع من أنواع الغفلة عن ذلك بما يحدثه النوم أو النعاس، الذي له ما في السموات والأرض، والذي لا يشفع أحد عنده إلّا بإذنه ورضائه، والذي يعلم ما بين أيدي كل خلقه وما خلفهم دون أن يكون لأحد إحاطة ما بشيء من علم إلّا ما شاء هو، والذي وسع كرسيه السموات والأرض ولا يشق عليه حفظهما، والعلي العظيم الذي لا يداني علوّه وعظمته شيء.

ولم نطلع على رواية خاصة في نزول الآية، ويحتمل أن تكون متصلة بما سبقها. فالله الذي يفعل ما يريد وهو ما قررته الآية السابقة لها هو المنفرد في الألوهية المتصف بجميع صفات الكمال ويحتمل أن تكون متصلة بما بعدها فالله الذي يجب الإيمان به والكفر بسواه وهذا ما جاء في الآيات التي بعدها هو ذلك المتصف بهذه الصفات وليس ما يمنع أن تكون متصلة بما قبلها وبما بعدها معا.

فالسياق متصل ببعض سواء أكانت الآيات نزلت دفعة واحدة أم متتابعة. أم كان ترتيبها ترتيبا موضوعيا، وهذه الاحتمالات مما تلهم صيغة الآية وموضوعها والآيات السابقة واللاحقة معا. ولقد عرفت هذه الآية بآية الكرسي، وأثرت أحاديث عديدة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فيها، منها حديث رواه الترمذي عن أبي هريرة جاء فيه: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لكلّ شيء سنام، وإن سنام القرآن سورة البقرة وفيها آية هي سيّدة آي القرآن هي آية الكرسي» «١» . وحديث رواه مسلم وأبو داود عن أبي بن كعب قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا أبا المنذر أيّ آية معك من كتاب الله أعظم؟ قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، فضرب على صدري وقال: ليهنك


(١) التاج ج ٤ ص ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>