للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل نقص من الوفد على اعتبار أن التسليم بذلك مبدئيا يمهد لحل كل خلاف ثانوي ولتحقيق التطابق في المسائل المتفرعة عنها. وفي هذا الأسلوب ما هو ظاهر من القوة والرصانة.

والأسلوب الذي بدأت به الآيات من تقرير شهادة الله والملائكة وأولي العلم بوحدة الله هو أسلوب تعبيري لتقوية المعنى المقرر وإعلان كونه حقا وصدقا لا يمكن أن يكون فيه خلاف. وهو كما يظهر أسلوب قوي وملزم يعرض النبي بلسان القرآن به جوهر الدعوة الإسلامية ومبدأها الأساسي وهما وحدة الله المطلقة ووجوب الإسلام له وحده. فهذا هو الدين الحق وهو ما لا ينبغي أن يكون محل خلاف ونزاع. وما كان من ذلك بين أهل الكتاب إنما هو ناشىء عن الأهواء والبغي لا عن كتب الله وأنبيائه. وقد أمر النبي في آخر الآيات إذا كابر الفريق الذي يتناظر معه وجادل في هذا الذي لا يتحمل نزاعا ولا جدالا بأن يحسم الموقف بإعلانه أنه قد أسلم نفسه هو ومن اتبعه لله وأن يسأل سامعيه من كتابيين وأميين عما إذا كانوا يسلمون لله مثله. فإن أسلموا فيكون هدى الله قد جمعهم، وإن تولوا فعليه أن يعلن أنما عليه البلاغ والله هو البصير بالناس المراقب لأعمالهم.

ويلحظ أن الآية الأخيرة قد احتوت أمرا للنبي بتوجيه الخطاب لأهل الكتاب وغيرهم. فمن المحتمل أن يكون ذلك من قبيل التعميم والاستطراد لأن الكلام بسبيل الدعوة والتقرير العام. ومن المحتمل أيضا أن يكون بعض مشركي العرب المحايدين أو المسالمين شهدوا المناظرة.

ومع ترجيحنا أن تعبير أُولُوا الْعِلْمِ في الآية [١٨] قد قصد به (أولي الكتاب) بقرينة ذكرهم في الآيات التالية فإن لورود التعبير مطلقا مغزى مهما من حيث احتمال انطوائه على تقرير أن كل من أوتي علما من أي نحلة كان لا بد من أن يشهد هذه الشهادة. وهذا المغزى منطو في آية سورة فاطر إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ على ما شرحنا ذلك في سياق الآية. ولقد رأينا القاسمي والطبرسي يقفان عند الكلمة فيقول الأول إن ذكر أولي العلم في هذا المقام مرتبة جليلة

<<  <  ج: ص:  >  >>