للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورووا أن الآيات الأخرى نزلت في مناسبة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش بعد أن طلقها زيد بن حارثة الذي كان ابنا بالتبني لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ومما رووه في صدد ذلك أن النبي بعد أن زوج زينب بزيد رآها قائمة في درع وخمار وكانت بيضاء جميلة فوقعت في نفسه وأعجبه جمالها حتى أنه لم يتمالك أن قال سبحان مقلّب القلوب أو عبارة أخرى من بابها على اختلاف الروايات. وأن زينب شعرت بذلك فأخذت تتكبر على زيد وتزعجه فشكاها للنبي وأبدى رغبته في تطليقها. أو أن الله قد ألقى في نفس زيد كراهيتها لما علم بما وقع في نفس نبيه منها فرغب في تطليقها وأن النبي نصحه بعدم تطليقها وإمساكها مع أنه ودّ في نفسه لو يطلقها حتى يتزوجها. غير أن الأمر اشتد بينهما حتى انتهى إلى الطلاق فتزوجها النبيّ بعد انقضاء عدّتها. ومما يروى أن النبيّ أرسل زيدا إليها ليذكر لها أن النبيّ يخطبها لنفسه فلما رآها عظمت في نفسه فولّى مدبرا وهتف قائلا: أبشري يا زينب فإن رسول الله بعثني لأذكره لك. وهناك رواية تذكر أن زينب أخبرت زيدا بما شعرت به من ميل قلب النبي لها فقال لها هل لك أن أطلقك حتى يتزوجك رسول الله فقالت أخشى أن تطلقني ولا يتزوجني «١» .

ويلاحظ أن الآية الأولى منسجمة مع الآيات التالية ونرجح أنها نزلت معها وفي الصدد الذي احتوته الآيات التالية لها. ومن المحتمل أن تكون الآية الأولى كانت تتلى في المناسبات التي كان بعض المسلمين يترددون فيها في تلبية اقتراحات رسول الله في صدد تزويج بناتهم لمسلمين كانوا يرونهم أقلّ مرتبة منهم، وكان النبي يريد باقتراحاته القضاء على مثل هذا الشعور الطبقي بين المسلمين فالتبس الأمر على الرواة وظنوها نزلت في هذه المناسبات.

ولقد كانت قصة زواج النبي من مطلقة ابنه بالتبني موضوع تعليق ونقد وأخذ ورد قديما وحديثا. ولقد كان تساهل بعض المفسرين في إثبات الروايات البعيدة عن منطق الوقائع وروح الآيات باعثا لاستغلال الأغيار للقصة واستخراج ما يمسّ


(١) هذه الرواية من مرويات الطبرسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>