للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- وتنبيه على أن هذه هي سنّة الله فيمن مضى من أمثالهم من الأمم وهي السنّة التي لا تتبدل في حال.

تعليق على الآية لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) والآيتين التاليتين لها

ولم نطلع على رواية خاصة في مناسبة نزولها. وإنما قال المفسرون «١» إن المنافقين كانوا يشيعون أخبار السوء عن سرايا النبي صلى الله عليه وسلم وبعوثه الجهادية بسبيل إلقاء الرعب في قلوب المسلمين وتخويفهم وتخذيلهم. وإن الآيات هي في صدد ذلك. وهذا هو معنى الإرجاف على ما قالوه وقد روى الطبري عن عكرمة تأويلا لجملة وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أنهم أصحاب شهوة الزنا الذين يتبعون النساء والآيات شملت هؤلاء وهؤلاء.

والذي يتبادر لنا من روحها ومن السياق السابق أن الإنذار هو بصدد ما كان يبدو من الفئات المذكورة فيها من سوء أدب وذوق وبذاءة وأذى وكيد ودسّ وولوغ في الأعراض وإثارة الريب والفتنة سواء أكان في حقّ الله ورسوله أم في حقّ المؤمنين والمؤمنات، وأنها بناء على ذلك متصلة بالآيات السابقة سياقا وموضوعا.

ولقد احتوت الآيات حكما قرآنيا موكولا تنفيذه للنبي صلى الله عليه وسلم بتأديب هذه الفئات إذا لم تنته عن أذاها وإرجافها بعد الإنذار وهو الطرد وإهدار الدم والقتل دون هوادة وتسامح. واحتوت بالتبعية توطيدا لسلطان النبي وإيذانا باستعمال القوة والصرامة بحقها.


(١) انظر الطبري والبغوي والخازن وابن كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>