للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخزرج على مسألة قصاص ودية قتلى فقال المسلمون ننطلق إلى النبي فنحكمه فأبى المنافقون اليهود وطلبوا الاحتكام إلى كاهن اسمه أبو برزة الأسلمي. ومنها أن الخلاف على الدية كان بين فريقين من اليهود فطلب فريق الاحتكام إلى النبي ورفض الآخر وطلب الاحتكام إلى الكاهن المذكور. ومنها أن الآية الأخيرة نزلت في مناسبة خصومة على ماء بين الزبير بن العوام وجار لأرضه من الأنصار حكم فيها النبي للزبير فطعن الأنصاري في حكمه واتهمه بمحاباة الزبير لأنه ابن عمته حتى تغير وجه النبي من ذلك «١» . ومنها «٢» أن هذه الآية نزلت في مناسبة احتكام شخصين إلى النبي في أمر فلم يرض المحكوم عليه بالحكم وطلب الاحتكام إلى أبي بكر فذهبا إليه فقال لهما أنتما على ما قضى رسول الله فطلب الاحتكام إلى عمر فلما سمع عمر كلامهما دخل بيته فتقلد سيفه ثم خرج فضرب به رأس الذي أبى حكم النبي فقتله فاشتكى أهله إلى النبي فقال ما كنت أظن أن عمر يجترىء على قتل مؤمن فنزلت الآية تنفي عن القتيل صدق إيمانه. وباستثناء الرواية التي فيها خصومة بين الزبير والأنصاري ليس شيء من الروايات واردا في الصحاح. وليس في حديث هذه الخصومة ما يفيد أن الآية نزلت في مناسبتها بأسلوب صريح. وهذا بالإضافة إلى أن الآية المذكورة تبدو كنتيجة للآيات السابقة. وهذا لا ينفي تلك الخصومة. ومن المحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تلا الآية فالتبس الأمر على الرواة.

وباستثناء رواية نزول الآيات في جماعة من اليهود المنافقين فإن الروايات الأخرى لا تتطابق مع الآيات. وجملة أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ قد تعني اليهود وبالتالي قد تجعل الرواية التي استثنيناها أكثر ورودا كما هو المتبادر كمناسبة لنزول الآيات التي تبدو وحدة منسجمة لتحتوي تنديدا باليهود المنافقين ثم لتوطد سلطة النبي صلى الله عليه وسلم القضائية. وما زلنا عند ترجيحنا بأن تكون الآيتان السابقتان لهذه الآيات نزلتا مع هذه الآيات لتكونا تمهيدا تشريعيّا


(١) هذه الرواية وردت في كتابي البخاري والترمذي أيضا. التاج ج ٤ ص ٨٢ مروية عن عبد الله ابن الزبير.
(٢) هذه الرواية رواها ابن كثير والقاسمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>