للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣) وتحذيرا للمؤمنين المخلصين من مثل ذلك وحثّا على عمل ما هو الأمثل بهم وهو التناجي بما فيه البرّ والتقوى إذا اجتمعوا في مجالس خاصة وتقوى الله الذي سوف يحشرون إليه.

(٤) وتنبيها تطمينيا لهم: فإذا تسارر فريق من الناس بما فيه إثم وكيد فالشيطان هو الذي يوسوس لهم بذلك ليحزنهم. غير أنهم لن يضروهم بشيء إلّا بإذن الله وعليهم أن يتكلوا عليه فهو وحده الذي يتوكّل عليه المؤمنون.

والآيات فصل جديد كما هو المتبادر إلّا احتمال كون الآيتين السابقتين مقدمة له. والمتبادر أن الآية الأولى منها في مثابة تمهيد أو مقدمة للآيات الثلاث التالية لها.

وقد روى المفسرون «١» أن الآية الثانية نزلت في جماعة من المنافقين واليهود كانوا يعقدون مجالس خاصة يتحدثون فيها بما فيه كيد وتآمر على النبي والمؤمنين وكانوا يفعلون هذا في ظروف الأعمال الجهادية والأزمات، وإذا مرّ بهم فريق من المؤمنين المخلصين غمزوا نحوهم فكان ذلك يثير الهمّ والقلق فيهم فشكوا إلى رسول الله. كما رووا أنها عنت أيضا اليهود الذين كانوا يستعملون جملة (السام عليكم) بدلا من السلام عليكم إذا دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم.

وهناك حديث رواه الشيخان والترمذي عن عائشة أم المؤمنين قالت «دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم ففهمتها فقلت عليكم السام واللعنة فقال رسول الله مهلا يا عائشة فإن الله يحبّ الرفق في الأمر كلّه فقلت يا رسول الله أو لم تسمع ما قالوا؟ قال فقد قلت وعليكم» وفي رواية لمسلم «فسمعت عائشة فسبّتهم فقال رسول الله مه يا عائشة فإن الله لا يحبّ الفحش ولا التفحّش فأنزل الله عزّ وجل وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ» «٢» .

وهكذا تكون الروايات والحديث قد قسمت الآية الثانية إلى قسمين وجعلت


(١) انظر البغوي والخازن والطبرسي وابن كثير.
(٢) التاج ج ٥ ص ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>