للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروح الآيات وفحواها يلهمان أن المصيبة المذكورة فيها هي من نوع ما ليس في مقدور الناس جلبه أو دفعه. ومعظم المفسرين أداروا الكلام عليها في هذا النطاق بحيث يصح القول إنها لا صلة لها بما يصدر من الناس من أعمال يثابون ويعاقبون عليها في الدنيا والآخرة.

ويلمح في الآيات صفات أخرى من صفات المنافقين المرتابين المترددين المتربصين الذين كانوا موضوع الحملة والتنديد في الآيات السابقة أريد التنويه بها والتحذير منها وهي الاختيال على الناس والكبر والغرور بما حازوه، والبخل به وأمر الناس بالبخل. وهذا يفعله البخلاء في الغالب لتبرير بخلهم.

وواضح أن في الآيات تلقينات مستمرة المدى تمدّ المسلم في كل ظرف بالثقة بالله والتسليم له والصبر على ما يصيبه من بلاء وعدم الجزع والأسى والشكر على ما يناله من خير وعدم الزهو والبطر والغرور به وعدم الخوف من عواقب البذل في سبيل الله ومساعدة المحتاجين وعدم الارتكاس في رذيلة الحضّ على البخل ومنع الخير عن الغير في أي حال.

وقد تكررت الآيات القرآنية التي احتوت هذه التلقينات في القرآن المكي والقرآن المدني معا حيث يبدو من ذلك التساوق في الدعوة إلى مكارم الأخلاق والنهي عن رذائلها وإسلام النفس إلى الله في كل حال وظرف. واستهداف تربية المسلم والتسامي به إلى أوج الكمال النفساني والأخلاقي.

وقد أورد المفسرون أحاديث نبوية في سياق هذه الآيات بالتنديد بالبخل والاختيال والكبر والتفاخر. ولقد أوردنا طائفة من الأحاديث في ذلك في سياق سور الليل ولقمان والإسراء والنساء «١» التي ورد فيها التنديد بهذه الأخلاق البغيضة ونبهنا على ما فيها من تساوق مع التلقين القرآني فنكتفي بهذه الإشارة.

هذا، ولما كانت الآيات قد جاءت بسبيل التسكين والتحذير في ظروف


(١) انظر تفسير آيات الليل [٨] ولقمان [١٨ و ١٩] والإسراء [٣٧] والنساء [٢٦ و ٢٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>