للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البسيط]

وثبت اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... فِي الْمَرْسَلِينَ وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا

وَقَالَ آخَرُونَ: الَّذِي هَاهُنَا بمعنى الذين، قال ابن جرير: وذكر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا تَمَامًا عَلَى الَّذِينَ أَحْسَنُوا «١» ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: عَنْ مُجَاهِدٍ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ، قَالَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُحْسِنِينَ، وَكَذَا قَالَ أبو عبيدة وقال البغوي المحسنون الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ، يَعْنِي أَظْهَرْنَا فَضْلَهُ عَلَيْهِمْ قُلْتُ: كقوله تَعَالَى قالَ يَا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي [الْأَعْرَافِ: ١٤٤] وَلَا يَلْزَمُ اصْطِفَاؤُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ والخليل عليهما السلام لأدلة أخرى.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَرَوَى أَبُو عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنُ رَفْعًا بِتَأْوِيلِ عَلَى الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ ثُمَّ قَالَ وَهَذِهِ قِرَاءَةٌ لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَجْهٌ صَحِيحٌ «٢» ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَمَامًا عَلَى إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَيْهِ زِيَادَةً عَلَى ما أحسن إِلَيْهِ حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَالْبَغَوِيُّ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَبِهِ جَمَعَ ابْنُ جرير كما بيناه، ولله الحمد.

وقوله تعالى: وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً فِيهِ مَدْحٌ لِكِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ فِيهِ الدَّعْوَةُ إِلَى اتِّبَاعِ القرآن يرغب سبحانه عباده في كتابه ويأمرهم بتدبره والعمل به والدعوة إليه وَوَصْفِهِ بِالْبَرَكَةِ لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَعَمِلَ بِهِ فِي الدنيا والآخرة لأنه حبل الله المتين.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٥٦ الى ١٥٧]

أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧)

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: مَعْنَاهُ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ لئلا تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا «٣» يعني لينقطع عذركم كقوله تَعَالَى: وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ [القصص: ٤٧] الآية.

وقوله تعالى: عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُمُ الْيَهُودُ


(١) تفسير الطبري ٥/ ٣٩٩.
(٢) تفسير الطبري ٥/ ٤٠٠. قال: «لخلافها ما عليه الحجة مجمعة من قراءة الأمصار» . [.....]
(٣) تفسير الطبري ٥/ ٤٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>