للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْتَقْصَى عَنْ أَبِيهِ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسِيِّ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ صُقَيْرٍ، حَدَّثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا يَقُولُ اللَّهُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي إِنِّي لَأَهِمُّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ عَذَابًا فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَى عُمَّارِ بُيُوتِي وَإِلَى الْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَإِلَى الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ صَرَفْتُ ذَلِكَ عَنْهُمْ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ، كَذِئْبِ الْغَنَمِ يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ، فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِدِ» وَقَالَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ: أَدْرَكْتُ أَصْحَابَ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسَاجِدَ بُيُوتُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكْرِمَ مَنْ زَارَهُ فِيهَا. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ: عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ لَمْ يُجِبْ ولم يأت الْمَسْجِدَ وَيُصَلِّي فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الْآيَةَ، رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ. وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَلَهُ شَوَاهِدُ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرُ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ بَسْطِهَا.

وَقَوْلُهُ: وَأَقامَ الصَّلاةَ أَيْ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ وَآتَى الزَّكاةَ أَيْ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ المتعدية إلى بر الخلائق، وقوله وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ أَيْ وَلَمْ يَخَفْ إِلَّا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَخْشَ سِوَاهُ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عباس فِي قَوْلِهِ إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يَقُولُ: مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ وَآمَنَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ يَقُولُ مَنْ آمَنَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَأَقامَ الصَّلاةَ يَعْنِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ يَقُولُ لَمْ يَعْبُدْ إِلَّا اللَّهَ ثُمَّ قَالَ: فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ يقول تعالى: إِنَّ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ كَقَوْلِهِ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [الْإِسْرَاءِ: ٧٩] وَهِيَ الشَّفَاعَةُ، وَكُلُّ عَسَى فِي الْقُرْآنِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ «٢» ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:

وعسى من الله حق «٣» .

[سورة التوبة (٩) : الآيات ١٩ الى ٢٢]

أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢)


(١) المسند ٥/ ٢٣٢، ٢٣٣، ٢٤٣.
(٢) انظر تفسير الطبري ٦/ ٣٣٥.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>