للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ بِهَذَا السَّنَدِ حَدِيثَ «إِذَا دخل أحدكم المسجد فليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل اللهم إني أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ» «١» وَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَهْمَا بَلَغَكُمْ عَنِّي مِنْ خَيْرٍ فَأَنَا أَوْلَاكُمْ بِهِ. وَمَهْمَا يَكُنْ مِنْ مَكْرُوهٍ فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى مَا أَنْهاكُمْ عَنْهُ وَقَالَ قَتَادَةُ عَنْ عَزْرَةَ عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:

جاءت امرأة إلى ابن مسعود فقالت أتنهى عن الواصلة «٢» ؟ قال نعم، قالت: فعله بعض نسائك، فقال ما حفظت وصية العبد الصالح إذا وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى مَا أَنْهاكُمْ عَنْهُ وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْعُتْبِيِّ قَالَ: كَانَتْ تَجِيئُنَا كُتُبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيهَا الأمر والنهي فيكتب في آخرها وما كنت مِنْ ذَلِكَ إِلَّا كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ:

وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.

[سورة هود (١١) : الآيات ٨٩ الى ٩٠]

وَيا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠)

يَقُولُ لَهُمْ وَيا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَيْ لَا تَحْمِلَنَّكُمْ عَدَاوَتِي وَبُغْضِي عَلَى الْإِصْرَارِ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَسَادِ فَيُصِيبُكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمِ نُوحٍ وَقَوْمِ هُودٍ وَقَوْمِ صَالِحٍ وَقَوْمِ لوط من النقمة والعذاب وقال قَتَادَةُ وَيا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي يَقُولُ: لَا يَحْمِلَنَّكُمْ فِرَاقِي، وَقَالَ السُّدِّيُّ عَدَاوَتِي، عَلَى أن تمادوا فِي الضَّلَالِ وَالْكُفْرِ فَيُصِيبُكُمْ مِنَ الْعَذَابِ مَا أَصَابَهُمْ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عوف الحمصي حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بن أبي سليمان عن ابن أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ قَالَ:

كُنْتُ مَعَ مَوْلَايَ أُمْسِكُ دَابَّتَهُ وَقَدْ أَحَاطَ النَّاسُ بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ إِذْ أَشْرَفَ عَلَيْنَا مِنْ دَارِهِ فَقَالَ:

يا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ يَا قَوْمِ لَا تَقْتُلُونِي إنكم إن قتلتموني كُنْتُمْ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَقَوْلُهُ: وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ قِيلَ الْمُرَادُ فِي الزمان، قال قتادة: يعني إنما هلكوا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ بِالْأَمْسِ، وَقِيلَ فِي الْمَكَانِ وَيُحْتَمَلُ الأمران وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ من سالف الذنوب ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ فيما تستقبلونه من الأعمال السيئة وقوله: إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ أَيْ لِمَنْ تَابَ وأناب.


(١) أخرجه مسلم في المسافرين حديث ٦٨.
(٢) الواصلة: التي تصل شعرها بشعر آخر زور.

<<  <  ج: ص:  >  >>