للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُبَيْشٍ قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه، وهو يحدث عن لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يقول: فانطلقا حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَلَمْ يَدْخُلَاهُ، قَالَ: قُلْتُ: بَلْ دَخَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَتَئِذٍ وَصَلَّى فِيهِ، قَالَ: مَا اسْمُكَ يَا أَصْلَعُ؟ فَإِنِّي أَعْرِفُ وَجْهَكَ، وَلَا أَدْرِي مَا اسْمُكَ، قَالَ: قُلْتُ أَنَا زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ، قَالَ: فَمَا عِلْمُكَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيهِ لَيْلَتَئِذٍ؟

قَالَ: قُلْتُ الْقُرْآنُ يُخْبِرُنِي بِذَلِكَ، قَالَ: فمن تَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فَلَجَ اقْرَأْ، قَالَ: فَقُلْتُ: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى قَالَ: يَا أَصْلَعُ، هَلْ تَجِدُ صَلَّى فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا.

قَالَ: وَاللَّهِ ما صلى فيه رسول الله ليلتئذ، لو صَلَّى فِيهِ لَكُتِبَ عَلَيْكُمْ صَلَاةٌ فِيهِ كَمَا كُتِبَ عَلَيْكُمْ صَلَاةٌ فِي الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، وَاللَّهِ مَا زَايَلَا الْبُرَاقَ حَتَّى فُتِحَتْ لَهُمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَرَأَيَا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَوَعْدَ الْآخِرَةِ أَجْمَعَ، ثُمَّ عَادَا عَوْدَهُمَا عَلَى بَدْئِهِمَا، قَالَ: ثُمَّ ضحك حتى رأيت نواجذه.

قال: ويحدثونه أَنَّهُ رَبَطَهُ لَا يَفِرُّ مِنْهُ، وَإِنَّمَا سَخَّرَهُ له عالم الغيب والشهادة، قلت: يا عَبْدِ اللَّهِ، أَيُّ دَابَّةٍ الْبُرَاقُ؟ قَالَ: دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ، هَكَذَا خَطْوُهُ مَدَّ الْبَصَرِ «١» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ بِهِ. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي النجود به. وقال الترمذي: حسن، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا أَثْبَتَهُ غَيْرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَبْطِ الدَّابَّةِ بِالْحَلْقَةِ، ومن الصلاة ببيت الْمَقْدِسِ مِمَّا سَبَقَ وَمَا سَيَأْتِي مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

رِوَايَةُ أَبِي سَعِيدٍ سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ الْخُدْرِيُّ

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النبوة: حدثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، حدثنا أَبُو مُحَمَّدٍ رَاشِدٌ الْحِمَّانِيُّ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ لَيْلَةٍ أُسْرِيَ بِكَ فِيهَا. قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا الآية: قال: فأخبرهم، قال: «فبينما أَنَا نَائِمٌ عِشَاءً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذْ أَتَانِي آتٍ فَأَيْقَظَنِي، فَاسْتَيْقَظْتُ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فإذا أَنَا بِكَهَيْئَةِ خَيَالٍ فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي حَتَّى خَرَجْتُ من المسجد الحرام، فإذا أنا بدابة أدنى شبها بدوابكم هذه، بغالكم هذه، غير أنه مُضْطَرِبِ الْأُذُنَيْنِ يُقَالُ لَهُ الْبُرَاقُ، وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْكَبُهُ قَبْلِي، يَقَعُ حَافِرُهُ عِنْدَ مَدِّ بَصَرِهِ، فَرَكِبْتُهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ عَلَيْهِ إِذْ دَعَانِي داع من يَمِينِي: يَا مُحَمَّدُ انْظُرْنِي أَسْأَلْكَ، يَا مُحَمَّدُ انْظُرْنِي أَسْأَلْكَ، يَا مُحَمَّدُ انْظُرْنِي أَسْأَلْكَ، فَلَمْ أجبه ولم أقم عليه،


(١) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ١٧، باب ١٧. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>