للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْقَلَبَ عَلَى الرَّاوِي بِدَلِيلِ مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ فيها قدمه، فتقول: قط قط، فهناك تمتلئ وينزوي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ. وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا» «١» .

بَقِيَ هَاهُنَا مَسْأَلَةٌ قَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَهِيَ الْوِلْدَانُ الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ صِغَارٌ وَآبَاؤُهُمْ كُفَّارٌ: مَاذَا حُكْمُهُمْ؟ وَكَذَا الْمَجْنُونُ وَالْأَصَمُّ وَالشَّيْخُ الْخَرِفُ وَمَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ وَلَمْ تَبْلُغْهُ دعوة؟ وقد ورد في شأنهم أحاديث أنا أذكرها لك بعون الله وَتَوْفِيقِهِ، ثُمَّ نَذْكُرُ فَصْلًا مُلَخَّصًا مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

[فَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ] عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قتادة عن الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ. عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَرْبَعَةٌ يَحْتَجُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ، وَرَجُلٌ هَرِمٌ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ، فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ: رَبِّ قَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ: رَبِّ قَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ والصبيان يقذفوني بِالْبَعْرِ، وَأَمَّا الْهَرِمُ فَيَقُولُ: رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ: رَبِّ مَا أَتَانِي لَكَ رسول.

فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فو الذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا» . وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هريرة مثله، غير أنه قال في آخره: «فمن دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا يُسْحَبُ إِلَيْهَا» .

وَكَذَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ في كتاب الاعتقاد من حديث أحمد بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيِّ بِهِ، وَقَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَكَذَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ يُدْلِي عَلَى اللَّهِ بِحُجَّةٍ» فَذَكَرَ نَحْوَهْ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «٣» مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ موقوفا، ثم قال أبو هريرة: فاقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا.

[الْحَدِيثُ الثَّانِي] عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانٍ قَالَ: قُلْنَا لِأَنَسٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا تَقُولُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «لم


(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٥٠، باب ١، ومسلم في الجنة حديث ٣٦.
(٢) المسند ٤/ ٢٤.
(٣) تفسير الطبري ٨/ ٥٠، ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>