للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا الْمِيزَانَ، قَالَ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ الله عليه الصلاة والسلام كَانَ يَقُولُ «لَا يَقْدِرُ رَجُلٌ عَلَى حَرَامٍ ثُمَّ يَدَعُهُ لَيْسَ بِهِ إِلَّا مَخَافَةُ اللَّهِ، إلا أبدله الله به فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ مَا هُوَ خير له من ذلك» .

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٣٦]]

وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (٣٦)

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عباس يقول: لا تقل. وقال العوفي: لَا تَرْمِ أَحَدًا بِمَا لَيْسَ لَكَ بِهِ علم. وقال محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: يَعْنِي شَهَادَةَ الزُّورِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا تَقُلْ رَأَيْتُ وَلَمْ تَرَ، وَسَمِعْتُ وَلَمْ تُسْمِعْ، وعلمت ولم تعلم، فإن الله تعالى سَائِلُكَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ «١» ، وَمَضْمُونُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَى عَنِ الْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ بَلْ بِالظَّنِّ الَّذِي هُوَ التَّوَهُّمُ وَالْخَيَالُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الْحُجُرَاتِ: ١٢] وَفِي الْحَدِيثِ «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» «٢» . وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا» «٣» وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «إِنَّ أَفَرَى الْفِرَى أَنْ يرى الرجل عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا» «٤» . وَفِي الصَّحِيحِ «مَنْ تَحَلَّمَ حُلْمًا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَعْقِدَ بين شعيرتين وليس بفاعل» «٥» .

وَقَوْلُهُ: كُلُّ أُولئِكَ أَيْ هَذِهِ الصِّفَاتُ مِنَ السمع والبصر والفؤاد كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا أَيْ سَيُسْأَلُ الْعَبْدُ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتُسْأَلُ عنه عما عَمِلَ فِيهَا، وَيَصِحُّ اسْتِعْمَالُ أُولَئِكَ مَكَانَ تِلْكَ، كما قال الشاعر: [الكامل]

ذُمَّ الْمَنَازِلَ بَعْدَ مَنْزِلَةِ اللِّوَى ... وَالْعَيْشَ بَعْدَ أولئك الأيّام «٦»

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٣٧ الى ٣٨]

وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً (٣٧) كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (٣٨)


(١) انظر تفسير الطبري ٨/ ٨٠.
(٢) أخرجه البخاري في النكاح باب ٤٥، والوصايا باب ٨، والفرائض باب ٢، والأدب باب ٥٧، ومسلم في البر حديث ٢٨.
(٣) أخرجه أبو داود في الأدب باب ٧٢، وأحمد في المسند ٤/ ١١٩، ٥/ ٤٠١.
(٤) أخرجه البخاري في التعبير باب ٤٥، وأحمد في المسند ٢/ ٩٦، ١١٩. [.....]
(٥) أخرجه البخاري في التعبير باب ٤٥، وأبو داود في الأدب باب ٨٨، والترمذي في الرؤيا باب ٨، وابن ماجة في الرؤيا باب ٨، وأحمد في المسند ١/ ٢١٦، ٢٤٦، ٣٥٩، ٢/ ٥٠٤.
(٦) البيت لجرير في ديوانه ص ٩٩٠، وفيه «الأقوام» بدل «الأيام» ، وتخليص الشواهد ص ١٢٣، وخزانة الأدب ٥/ ٤٣٠، وشرح التصريح ١/ ١٢٨، وشرح شواهد الشافية ص ١٦٧، وشرح المفصل ٩/ ١٢٩، ولسان العرب (أولى) ، والمقاصد النحوية ١/ ٤٠٨، وتفسير الطبري ٨/ ٨١، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ١٣٤، وشرح الأشموني ١/ ٦٣، وشرح ابن عقيل ص ٧٢، والمقتضب ١/ ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>