للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سفيان عن جابر في هذه الآية، قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَمَةٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبيّ ابن سَلُولٍ يُقَالُ لَهَا مُسَيْكَةُ، كَانَ يُكْرِهُهَا عَلَى الْفُجُورِ، وَكَانَتْ لَا بَأْسَ بِهَا فَتَأْبَى، فَأَنْزَلَ الله هَذِهِ الْآيَةِ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ- إِلَى قَوْلِهِ- وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ نَحْوَهُ.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابن سَلُولٍ، جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا مُسَيْكَةُ، وَكَانَ يُكْرِهُهَا عَلَى الْبِغَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ- إِلَى قَوْلِهِ- وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ صَرَّحَ الأعمش بالسماع من أبي سفيان بن طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ، فَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ صحيفة حكاه البزار. وقال أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ جَارِيَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ كَانَتْ تزني في الجاهلية فولدت أولادا من الزنا، فقال لها مالك: لا تزنين، قالت: وَاللَّهِ لَا أَزْنِي، فَضَرَبَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجل وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا مَنْ قُرَيْشٍ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ وَكَانَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ أَسِيرًا، وَكَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا مُعَاذَةُ وَكَانَ الْقُرَشِيُّ الْأَسِيرُ يُرِيدُهَا عَلَى نَفْسِهَا وَكَانَتْ مُسْلِمَةً وَكَانَتْ تَمْتَنِعُ مِنْهُ لِإِسْلَامِهَا، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يُكْرِهُهَا عَلَى ذلك ويضربها رجاء أن تحمل من القرشي فَيَطْلُبَ فِدَاءَ وَلَدِهِ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: أُنْزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ رَأْسِ الْمُنَافِقِينَ وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ تُدْعَى مُعَاذَةُ وَكَانَ إِذَا نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ أَرْسَلَهَا إِلَيْهِ لِيُوَاقِعَهَا إِرَادَةَ الثَّوَابِ مِنْهُ وَالْكَرَامَةِ لَهُ.

فَأَقْبَلَتِ الْجَارِيَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه فشكت إليه فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ بِقَبْضِهَا فَصَاحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أبيّ من يعذرنا مِنْ مُحَمَّدٍ يَغْلِبُنَا عَلَى مَمْلُوكَتِنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ فهيم هذا، وقال مقاتل بن حيان: بلغني- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ كَانَا يُكْرِهَانِ أَمَتَيْنِ لَهُمَا إِحْدَاهُمَا اسْمُهَا مسيكة وكانت للأنصار، وَكَانَتْ أُمَيْمَةُ أُمُّ مُسَيْكَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَكَانَتْ مُعَاذَةُ وَأَرْوَى بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، فَأَتَتْ مُسَيْكَةُ وَأُمُّهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتَا ذَلِكَ لَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ يعني الزنا.

وقوله تعالى: إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، وقوله تعالى:

لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا أَيْ مِنْ خَرَاجِهِنَّ وَمُهُورِهِنَّ وَأَوْلَادِهِنَّ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ «١» ، وَفِي رِوَايَةٍ «مَهْرُ الْبَغِيِّ خبيث وكسب الحجام


(١) أخرجه البخاري في البيوع باب ١١٣، والإجارة، باب ٢٠، والطب باب ٤٦، ومسلم في المساقاة حديث ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>