فتلا هذه الآية: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ مَعَهُمْ، لِأَنَّهُ لَمْ يتدبر أمر السجود، ولا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ إِمَّعَةً بَلْ يَكُونُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ وَيَقِينٍ وَاضِحٍ بَيِّنٍ.
وقوله تَعَالَى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ يَعْنِي الَّذِينَ يَسْأَلُونَ الله أن يخرج من أصلابهم من ذرياتهم مَنْ يُطِيعُهُ وَيَعْبُدُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. قال ابن عباس: يعنون من يعمل بطاعة الله فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة. قال عِكْرِمَةُ: لَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ صَبَاحَةً وَلَا جَمَالًا، ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين. وسئل الحسن البصري عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: أَنْ يُرِيَ اللَّهُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ مِنْ زَوجَتِهِ وَمِنْ أَخِيهِ وَمِنْ حميمه طاعة الله، لا والله لا شَيْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ الْمُسْلِمِ مِنْ أَنْ يَرَى ولدا أو ولد ولدا أَوْ أَخَا أَوْ حَمِيمًا مُطِيعًا لِلَّهِ عَزَّ وجل. قال ابْنُ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ قال: يعبدونك فيحسنون عِبَادَتَكَ وَلَا يَجُرُّونَ عَلَيْنَا الْجَرَائِرَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: يَعْنِي يَسْأَلُونَ الله تعالى لِأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ.