للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بن مرة، قال الأعمش أراه عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ قَالَ: صَلَاتُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي وَالْمَقْصُودُ من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أَخْبَرَ عِبَادَهُ بِمَنْزِلَةِ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ عِنْدَهُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى بِأَنَّهُ يُثْنِي عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ تَعَالَى أَهْلَ الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، لِيَجْتَمِعَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعَالَمِينَ: الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ جَمِيعًا.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ جَعْفَرٍ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا لِمُوسَى عَلَيْهِ السلام: هل يصلي ربك؟ فَنَادَاهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا مُوسَى سَأَلُوكَ هَلْ يُصَلِّي رَبُّكَ، فَقُلْ: نعم أنا أصلي وَمَلَائِكَتِي عَلَى أَنْبِيَائِي وَرُسُلِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

وقد أخبر سبحانه وتعالى بأنه يُصَلِّي عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ [الأحزاب:

٤١- ٤٣] الآية وَقَالَ تَعَالَى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة: ١٥٥- ١٥٧] الآية، وَفِي الْحَدِيثِ «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ» «١» ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» «٢» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةِ جَابِرٍ وَقَدْ سَأَلْتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا وَعَلَى زَوْجِهَا «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى زَوْجِكَ» «٣» ، وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَكَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، ونحن نذكر منها إن شاء الله مَا تَيَسَّرَ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ «٤» عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بن سعيد، أخبرنا أَبِي عَنْ مِسْعَرٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ فقد عرفناه، فكيف الصلاة؟ قال: «قولوا اللهم صلى عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .


(١) أخرجه أبو داود في الصلاة باب ٩٥، وابن ماجة في الإقامة باب ٥٥.
(٢) أخرجه البخاري في الدعوات باب ٣٢، وأبو داود في الزكاة باب ٧، والنسائي في الزكاة باب ١٣، وابن ماجة في الزكاة باب ٨، وأحمد في المسند ٤/ ٣٥٣، ٣٥٥، ٣٨١، ٣٨٣.
(٣) أخرجه الدارمي في المقدمة باب ٧.
(٤) كتاب التفسير، تفسير سورة ٣٣، باب ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>