للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ بِهَذَا السَّنَدِ بِعَيْنِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا مَا يَتَسَتَّرُ هَذَا التستر إلا من عيب في جلده إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ وَإِمَّا آفَةٌ. وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَخَلَا يَوْمًا وَحْدَهُ فَخَلَعَ ثِيَابَهُ عَلَى حَجَرٍ ثُمَّ اغْتَسَلَ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ: ثُوبِي حَجَرٌ ثُوبِي حَجَرٌ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَأٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فلبسه وطفق بالحجر ضربا بعصاه فو الله إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا- قَالَ- فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً وَهَذَا سِيَاقٌ حَسَنٌ مُطَوَّلٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ دُونَ مُسْلِمٍ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا رُوحٌ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَخِلَاسٌ وَمُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً قال: قال رسول الله: «إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا لَا يَكَادُ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ.» ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُطَوَّلًا ورواه عنه فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ رَوْحٍ عَنْ عَوْفٍ بِهِ.

وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ هَذَا. وَهَكَذَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى قَالَ: قَالَ قَوْمُهُ لَهُ إِنَّكَ آدَرُ فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ يَغْتَسِلُ فوضع ثيابه على صخرة فخرجت الصخرة تشد بثيابه وخرج يتبعها عريانا حتى انتهب به مجالس بني إسرائيل فَرَأَوْهُ لَيْسَ بِآدَرَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَهَكَذَا رَوَاهُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سَوَاءً.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى الْآدَمِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: «كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رَجُلًا حَيِيًّا وَإِنَّهُ أَتَى- أَحْسَبُهُ قَالَ الْمَاءَ- لِيَغْتَسِلَ فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَةٍ وَكَانَ لَا يَكَادُ تَبْدُو عَوْرَتُهُ فَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِنَّ مُوسَى آدَرُ أَوْ بِهِ آفَةٌ- يَعْنُونَ أَنَّهُ لَا يَضَعُ ثِيَابَهُ- فَاحْتَمَلَتِ الصَّخْرَةُ ثِيَابَهُ حَتَّى صَارَتْ بِحِذَاءِ مَجَالِسِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَظَرُوا إِلَى مُوسَى كَأَحْسَنِ الرِّجَالِ- أَوْ كَمَا قَالَ- فَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً.


(١) المسند ٢/ ٥١٤، ٥١٥.
(٢) تفسير الطبري ١٠/ ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>