للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كانُوا يَعْمَلُونَ [سبأ: ٣٣] وهكذا قَالُوا لَهُمْ هَاهُنَا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ قَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُونَ كُنْتُمْ تَقْهَرُونَنَا بِالْقُدْرَةِ مِنْكُمْ عَلَيْنَا لِأَنَّا كُنَّا أَذِلَّاءَ وَكُنْتُمْ أَعِزَّاءَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ يَعْنِي عَنِ الحق والكفار تَقُولُهُ لِلشَّيَاطِينِ «١» .

وَقَالَ قَتَادَةُ قَالَتِ الْإِنْسُ لِلْجِنِّ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ قَالَ مِنْ قِبَلِ الْخَيْرِ فَتَنْهُونَا عَنْهُ وَتُبْطِئُونَا عَنْهُ «٢» ، وَقَالَ السدي تأتوننا من قبل الحق وتزينون لَنَا الْبَاطِلَ وَتَصُدُّونَا عَنِ الْحَقِّ «٣» وَقَالَ الْحَسَنُ في قوله تعالى: إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ إِي وَاللَّهِ يَأْتِيهِ عِنْدَ كُلِّ خَيْرٍ يُرِيدُهُ فَيَصُدُّهُ عَنْهُ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ مَعْنَاهُ تَحُولُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْخَيْرِ وَرَدَدْتُمُونَا عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ بِالْخَيْرِ الَّذِي أَمَرَنَا بِهِ «٤» ، وَقَالَ يَزِيدُ الرِّشْكُ مِنْ قِبَلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَالَ خُصَيْفٌ يَعْنُونَ مِنْ قِبَلِ مَيَامِنِهِمْ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ قَالَ مِنْ حَيْثُ نأمنكم.

وقوله تعالى: قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ تَقُولُ الْقَادَةُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لِلْأَتْبَاعِ مَا الْأَمْرُ كَمَا تَزْعُمُونَ بَلْ كَانَتْ قُلُوبُكُمْ مُنْكِرَةً لِلْإِيمَانِ قَابِلَةً لِلْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ أَيْ مِنْ حُجَّةٍ عَلَى صِحَّةِ مَا دَعَوْنَاكُمْ إِلَيْهِ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ أَيْ بَلْ كَانَ فِيكُمْ طُغْيَانٌ وَمُجَاوَزَةٌ لِلْحَقِّ فَلِهَذَا اسْتَجَبْتُمْ لَنَا وَتَرَكْتُمُ الْحَقَّ الَّذِي جَاءَتْكُمْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَأَقَامُوا لَكُمُ الْحُجَجَ عَلَى صِحَّةِ مَا جَاءُوكُمْ بِهِ فَخَالَفْتُمُوهُمْ.

فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ يَقُولُ الْكُبَرَاءُ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ حَقَّتْ عَلَيْنَا كَلِمَةُ اللَّهِ إِنَّا من الأشقياء الذائقين للعذاب يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَغْوَيْناكُمْ أَيْ دَعَوْنَاكُمْ إِلَى الضَّلَالَةِ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ أي فدعوناكم إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَاسْتَجَبْتُمْ لَنَا، قَالَ الله تبارك وتعالى: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ.

أَيِ الْجَمِيعُ فِي النَّارِ كُلٌّ بِحَسَبِهِ إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ إِنَّهُمْ كانُوا أَيْ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا إِذا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ أَيْ يَسْتَكْبِرُونَ أَنْ يَقُولُوهَا كَمَا يَقُولُهَا المؤمنون قال ابن أبي حاتم حدثنا عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ حَدَّثَنَا عمي حدثنا الليث عن ابن مسافر


(١) تفسير الطبري ١٠/ ٤٨١.
(٢) تفسير الطبري ١٠/ ٤٨١.
(٣) تفسير الطبري ١٠/ ٤٨١.
(٤) تفسير الطبري ١/ ٤٨٢، ولفظه: والعمل بالخير الذي أمر الله به.

<<  <  ج: ص:  >  >>