للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْيَاءَ حَتَّى قَالُوا لَقَدْ فُتِنَ نَبِيُّ اللَّهِ وَكَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ يُشَبِّهُونَهُ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي الْقُوَّةِ فَقَالَ وَاللَّهُ لَأُجَرِّبَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَهُوَ لَا يَرَى إِلَّا أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ أَحَدُنَا تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ فَيَدَعُ الْغُسْلَ عَمْدًا حَتَّى تَطْلُعَ الشمس أترى عليه بأسا قال: لا فبينما هو كذلك أربعين ليلة إذ وَجَدَ نَبِيُّ اللَّهِ خَاتَمَهُ فِي بَطْنِ سَمَكَةٍ فَأَقْبَلَ فَجَعَلَ لَا يَسْتَقْبِلُهُ جِنِّيٌّ وَلَا طَيْرٌ إِلَّا سَجَدَ لَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً قَالَ هُوَ الشَّيْطَانُ صَخْرٌ «١» .

وَقَالَ السُّدِّيُّ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ أَيِ ابْتَلَيْنَا سليمان وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً قال شيطانا جلس على كرسيه أربعين يوما قال كان لسليمان عليه الصلاة والسلام مائة امرأة وكانت امرأة منهم يُقَالُ لَهَا جَرَادَةُ وَهِيَ آثَرُ نِسَائِهِ وَآمَنُهُنَّ عِنْدَهُ وَكَانَ إِذَا أَجْنَبَ أَوْ أَتَى حَاجَةً نَزَعَ خَاتَمَهُ وَلَمْ يَأْتَمِنْ عَلَيْهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ غَيْرَهَا فَأَعْطَاهَا يَوْمًا خَاتَمَهُ وَدَخَلَ الْخَلَاءَ، فَخَرَجَ الشَّيْطَانُ فِي صُورَتِهِ فَقَالَ هَاتِي الْخَاتَمَ فَأَعْطَتْهُ فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى مَجْلِسِ سُلَيْمَانَ عليه الصلاة والسلام وَخَرَجَ سُلَيْمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ فَسَأَلَهَا أَنْ تُعْطِيَهِ خَاتَمَهُ فَقَالَتْ: أَلَمْ تَأْخُذْهُ قَبْلُ؟ قَالَ: لَا وخرج وكأنه تائه وَمَكَثَ الشَّيْطَانُ يُحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَ فَأَنْكَرَ النَّاسُ أَحْكَامَهُ فَاجْتَمَعَ قُرَّاءُ بَنِي إسرائيل وعلماؤهم فجاؤوا حتى دخلوا على نسائه فقالوا لهن إِنَّا قَدْ أَنْكَرْنَا هَذَا فَإِنْ كَانَ سُلَيْمَانَ فَقَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ وَأَنْكَرْنَا أَحْكَامَهُ قَالَ فَبَكَى النِّسَاءُ عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ فَأَقْبَلُوا يَمْشُونَ حَتَّى أتوه فأحدقوا به ثم نشروا يقرءون التوراة قَالَ فَطَارَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ حَتَّى وَقَعَ عَلَى شُرْفَةٍ وَالْخَاتَمُ مَعَهُ ثُمَّ طَارَ حَتَّى ذَهَبَ إِلَى الْبَحْرِ فَوَقَعَ الْخَاتَمُ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ فَابْتَلَعَهُ حُوتٌ مِنْ حِيتَانِ الْبَحْرِ. قَالَ وأقبل سليمان عليه الصلاة والسلام فِي حَالِهِ الَّتِي كَانَ فِيهَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى صَيَّادٍ مِنْ صَيَّادِي الْبَحْرِ وَهُوَ جَائِعٌ وَقَدِ اشْتَدَّ جُوعُهُ فَاسْتَطْعَمَهُمْ مِنْ صَيْدِهِمْ وَقَالَ إِنِّي أَنَا سُلَيْمَانُ فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَضَرَبَهُ بعصى فَشَجَّهُ فَجَعَلَ يَغْسِلُ دَمَهُ وَهُوَ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ فَلَامَ الصَّيَّادُونَ صَاحِبَهُمُ الَّذِي ضَرَبَهُ فَقَالُوا بِئْسَ مَا صَنَعْتَ حَيْثُ ضَرَبْتَهُ قَالَ إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ سُلَيْمَانُ، قَالَ فَأَعْطَوْهُ سَمَكَتَيْنِ مِمَّا قد مذر عندهم ولم يَشْغَلْهُ مَا كَانَ بِهِ مِنَ الضَّرْبِ حَتَّى قام إلى شاطئ البحر فشق بطونهما فجعل يغسل فَوَجَدَ خَاتَمَهُ فِي بَطْنِ إِحْدَاهُمَا فَأَخَذَهُ فَلَبِسَهُ فردّ الله عليه بهاءه وملكه فجاءت الطَّيْرُ حَتَّى حَامَتْ عَلَيْهِ فَعَرَفَ الْقَوْمُ أَنَّهُ سليمان عليه الصلاة والسلام فقام القوم يعتذرون مما صنعوا فَقَالَ مَا أَحْمَدُكُمْ عَلَى عُذْرِكُمْ وَلَا أَلُومُكُمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْكُمْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ فَجَاءَ حَتَّى أَتَى مُلْكَهُ وَأَرْسَلَ إِلَى الشَّيْطَانِ فَجِيءَ بِهِ فَأَمَرَ بِهِ فَجُعِلَ فِي صُنْدُوقٍ مِنْ حَدِيدٍ ثُمَّ أَطْبَقَ عَلَيْهِ وَقَفَلَ عَلَيْهِ بِقُفْلٍ وَخَتَمَ عَلَيْهِ بِخَاتَمِهِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُلْقِي فِي الْبَحْرِ فَهُوَ فِيهِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَكَانَ اسْمُهُ حبقيق «٢» قال وسخر الله لَهُ الرِّيحَ وَلَمْ تَكُنْ سُخِّرَتْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.


(١) انظر تفسير الطبري ١٠/ ٥٨٠- ٥٨١.
(٢) انظر تفسير الطبري ١٠/ ٥٨٠- ٥٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>