للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطاب سعيكم وطاب جَزَاؤُكُمْ كَمَا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنَادَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ «إِنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ- وَفِي رِوَايَةٍ- مُؤْمِنَةٌ» «١» .

وَقَوْلُهُ: فَادْخُلُوها خالِدِينَ أَيْ مَاكِثِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ أَيْ يَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ إِذَا عَايَنُوا فِي الْجَنَّةِ ذَلِكَ الثَّوَابَ الْوَافِرَ وَالْعَطَاءَ الْعَظِيمَ وَالنَّعِيمَ الْمُقِيمَ وَالْمُلْكَ الْكَبِيرَ يَقُولُونَ عِنْدَ ذَلِكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ أَيِ الَّذِي كَانَ وَعَدَنَا عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ الْكِرَامِ كَمَا دَعَوْا فِي الدُّنْيَا رَبَّنا وَآتِنا مَا وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعادَ [آلِ عِمْرَانَ: ١٩٤] وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ [الْأَعْرَافِ: ٤٣] وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ [فَاطِرٍ: ٣٤- ٣٥] .

وقوله: وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ. قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَأَبُو صَالِحٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ أَيْ أَرْضِ الجنة «٢» فهذه الآية كقوله تَعَالَى: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ [الْأَنْبِيَاءِ: ١٠٥] وَلِهَذَا قَالُوا نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ أَيْ أَيْنَ شِئْنَا حَلَلْنَا فَنِعْمَ الْأَجْرُ أَجْرُنَا عَلَى عَمَلِنَا.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِصَّةِ الْمِعْرَاجِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ «٣» اللُّؤْلُؤِ وَإِذَا ترابها المسك» «٤» .

وقال عبد الرحمن بْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ ابْنَ صَائِدٍ عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ فقال در مكة بَيْضَاءُ مِسْكٌ خَالِصٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَدَقَ» «٥» وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ من حديث أبي سلمة عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ الله عنه بِهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنِ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَنَّ ابْنَ صَائِدٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ فَقَالَ: «در مكة بيضاء مسك خالص» «٦» .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عن أبي


(١) أخرجه النسائي في الحج باب ١٦١.
(٢) انظر تفسير الطبري ١١/ ٣٤.
(٣) الجنابذ: هي القباب، والجنبذة: القبة.
(٤) أخرجه البخاري في الصلاة باب ١، والأنبياء باب ٥، ومسلم في الإيمان حديث ٢٦٣، وأحمد في المسند ٥/ ١٤٤.
(٥) أخرجه مسلم في الفتن حديث ٩٢.
(٦) أخرجه مسلم في الفتن حديث ٩٣. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>