للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآخِرَةِ أَخْزى

أَيْ أَشَدُّ خِزْيًا لَهُمْ وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ أي في الآخرة كَمَا لَمْ يُنْصَرُوا فِي الدُّنْيَا وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ يَقِيهِمُ الْعَذَابَ ويدرأ عنهم النكال، وقوله عز وجل: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ قال ابن عباس رضي الله عنهما وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ: بَيَّنَّا لَهُمْ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ دَعَوْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى أَيْ بَصَّرْنَاهُمْ وَبَيَّنَّا لَهُمْ وَوَضَّحْنَا لَهُمُ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ صالح عليه الصلاة والسلام فخالفوه وكذبوه وعقروا ناقة الله تعالى الَّتِي جَعَلَهَا آيَةً وَعَلَامَةً عَلَى صِدْقِ نَبِيِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ أَيْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَرَجْفَةً وَذُلًّا وَهَوَانًا وَعَذَابًا وَنَكَالًا بِما كانُوا يَكْسِبُونَ أَيْ مِنَ التَّكْذِيبِ وَالْجُحُودِ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا أَيْ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ لَمْ يَمَسَّهُمْ سُوءٌ وَلَا نَالَهُمْ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ بَلْ نَجَّاهُمُ الله تعالى مع نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام بإيمانهم وتقواهم لله عز وجل.

[سورة فصلت (٤١) : الآيات ١٩ الى ٢٤]

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٩) حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣)

فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤)

يَقُولُ تَعَالَى: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ أَيِ اذْكُرْ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ يَحْشُرُونَ إِلَى النَّارِ يُوزَعُونَ أَيْ تَجْمَعُ الزَّبَانِيَةُ أَوَّلَهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ كما قال تبارك وتعالى:

وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً [مَرْيَمَ: ٨٦] أَيْ عطاشا. وقوله عز وجل: حَتَّى إِذا ما جاؤُها أَيْ وَقَفُوا عَلَيْهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أَيْ بِأَعْمَالِهِمْ مِمَّا قَدَّمُوهُ وَأَخَّرُوهُ لَا يُكْتَمُ مِنْهُ حَرْفٌ وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا أَيْ لَامُوا أَعْضَاءَهُمْ وَجُلُودَهُمْ حِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَجَابَتْهُمُ الْأَعْضَاءُ قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَيْ فَهُوَ لَا يُخَالَفُ وَلَا يُمَانَعُ وَإِلَيْهِ تَرْجِعُونَ.

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يوم وابتسم فقال صلى الله عليه وسلم: «أَلَا تَسْأَلُونِي عَنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتُ؟» قَالُوا يا رسول الله عن أي شيء ضحكت؟ قال صلى الله عليه وسلم: «عَجِبْتُ مِنْ مُجَادَلَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ أي ربي أليس وعدتني أن لا تَظْلِمَنِي، قَالَ بَلَى فَيَقُولُ فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ عَلَيَّ شَاهِدًا إِلَّا مِنْ نَفْسِي فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوَ لَيْسَ كَفَى بِي شَهِيدًا وَبِالْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ- قَالَ- فَيُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ مِرَارًا- قَالَ- فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَتَتَكَلَّمُ أَرْكَانُهُ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ، فَيَقُولُ بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا عَنْكُنَّ كُنْتُ أُجَادِلُ» ثُمَّ رَوَاهُ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>