للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَأْفَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، مَا عَلِمْتُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبُ بِغَيْرِ إِذَنٍ وَهِيَ غَضْبَى، ثُمَّ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَسْبُكَ إِذَا قَلَبَتْ لَكَ ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيِّعَتَيْهَا «١» ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا، حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دُونَكِ فَانْتَصِرِي» فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا وَقَدْ يَبِسَ رِيقُهَا فِي فَمِهَا مَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئًا، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ «٢» ، وَهَذَا لَفْظُ النَّسَائِيِّ.

وَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدِ انْتَصَرَ» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ «٣» مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ وَاسْمُهُ مَيْمُونٌ، ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ. وقوله عز وجل: إِنَّمَا السَّبِيلُ أَيْ إِنَّمَا الْحَرَجُ وَالْعَنَتُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أَيْ يَبْدَؤُونَ النَّاسَ بِالظُّلْمِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «الْمُسْتَبَّانُ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ» «٤» أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أَيْ شَدِيدٌ مُوجِعٌ.

قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ أَخُو حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ فَإِذَا عَلَى الخندق منظرة «٥» ، فأخذت حاجتي فَانْطُلِقَ بِي إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، وَهُوَ أمير على البصرة فقال مَا حَاجَتُكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: حَاجَتِي إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ أَخُو بَنِي عَدِيٍّ، قَالَ:

وَمَنْ أَخُو بَنِي عَدِيٍّ؟ قَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: اسْتَعْمَلَ صَدِيقًا لَهُ مَرَّةً عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بعد، فإن استطعت أن لا تَبِيتَ إِلَّا وَظَهْرُكَ خَفِيفٌ، وَبَطْنُكَ خَمِيصٌ، وَكَفُّكَ نَقِيَّةٌ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ سَبِيلٌ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فقال مروان: صَدَقَ وَاللَّهِ وَنَصَحَ، ثُمَّ قَالَ: مَا حَاجَتُكَ يا أبا عبد الله، قلت: حاجتي إن تُلْحِقَنِي بِأَهْلِي، قَالَ: نَعَمْ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حاتم، ثم إن الله تَعَالَى، لَمَّا ذَمَّ الظُّلْمَ وَأَهْلَهُ وَشَرَّعَ الْقَصَاصَ، قَالَ نَادِبًا إِلَى الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ، أَيْ صَبَرَ عَلَى الْأَذَى، وَسَتَرَ السَّيِّئَةَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَعْنِي لَمِنْ حَقِّ الْأُمُورِ الَّتِي أمر الله بها، أي لمن الأمور


(١) الذّريعة: تصغير ذراع.
(٢) أخرجه ابن ماجة في النكاح باب ٥٠، وأحمد في المسند ٦/ ٩٣.
(٣) كتاب الدعوات باب ١٠٢.
(٤) أخرجه مسلم في البر حديث ٦٩، وأبو داود في الأدب باب ٣٩، والترمذي في البر باب ٥١، وأحمد في المسند ٢/ ٢٣٥، ٤٨٨، ٥١٧، ٤/ ١٦٢، ٢٦٦، ٦/ ٢٦٦.
(٥) المنظرة: موضع الحرس، وتكون في رأس الجبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>