للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصعق مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ بَعْدَهَا نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَهِيَ هَذِهِ النَّفْخَةُ، وَقَدْ أَكَّدَهَا هَاهُنَا بِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ لَا يُخَالَفُ ولا يمانع ولا يحتاج إلى تكرار ولا تأكيد، وَقَالَ الرَّبِيعُ: هِيَ النَّفْخَةُ الْأَخِيرَةُ وَالظَّاهِرُ مَا قُلْنَاهُ، وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً أَيْ فَمُدَّتْ مَدَّ الْأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ وَتَبَدَّلَتِ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ أَيْ قَامَتِ الْقِيَامَةُ وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ قَالَ سِمَاكٌ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: تَنْشَقُّ السَّمَاءُ مِنَ الْمَجَرَّةِ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هِيَ كَقَوْلِهِ وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً [النبأ: ١٢] وقال ابن عباس:

متخرقة وَالْعَرْشُ بِحِذَائِهَا وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها الْمَلَكُ اسْمُ جِنْسٍ أَيِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَرْجَاءِ السَّمَاءِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَلَى مَا لَمْ يَهِ مِنْهَا أي حافاتها، وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَطْرَافُهَا، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَبْوَابُهَا، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ:

وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها يَقُولُ: عَلَى مَا اسْتَدَقَّ مِنَ السَّمَاءِ ينظرون إلى أهل الأرض.

وقوله تَعَالَى: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُ الْعَرْشَ ثَمَانِيَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، ويحتمل أن يكون المراد بهذا الْعَرْشَ الْعَظِيمَ أَوِ الْعَرْشَ الَّذِي يُوضَعُ فِي الْأَرْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي ذِكْرِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ أَنَّهُمْ ثمانية أو عال «١» .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي أَبُو السَّمْحِ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو قَبِيلٍ حُيَيُّ بْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: حَمَلَةُ الْعَرْشُ ثَمَانِيَةٌ مَا بَيْنَ مُوقِ أَحَدِهِمْ إِلَى مُؤَخَّرِ عَيْنِهِ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَذَّنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ عَنْ مَلَكٍ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ بُعْدُ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ وعنقه مخفق الطَّيْرِ سَبْعُمِائَةِ عَامٍ» وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ رِجَالُهُ كلهم ثِقَاتٌ.

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ مِنْ سُنَنِهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ ملك من ملائكة الله تعالى مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ أَنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سبعمائة عام» «٢» هذا لفظ أبي داود.


(١) أخرجه أبو داود في السنة باب ١٨، وابن ماجة في المقدمة باب ١٣، وأحمد في المسند ١/ ٢٠٦.
(٢) أخرجه أبو داود في السنة باب ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>