للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَرِيرٍ، مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ، وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَقَدْ رواه ابن مردويه، عن طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَيْضًا:

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً. قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي ثُمَّ يَقُولُ: كُنْتُ لَاعِبًا، وَيَقُولُ: قَدْ أَعْتَقْتُ، وَيَقُولُ: كُنْتُ لَاعِبًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ مَنْ قَالَهُنَّ لَاعِبًا أَوْ غَيْرَ لَاعِبٍ، فَهُنَّ جَائِزَاتٌ عَلَيْهِ: الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ وَالنِّكَاحُ» وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حبيب بن أدرك عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ مَاهَكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:

حَسَنٌ غَرِيبٌ.

وَقَوْلُهُ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، أَيْ فِي إِرْسَالِهِ الرَّسُولَ بِالْهُدَى وَالْبَيِّنَاتِ إِلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ، أَيِ السُّنَّةُ يَعِظُكُمْ بِهِ أَيْ يَأْمُرُكُمْ وَيَنْهَاكُمْ وَيَتَوَعَّدُكُمْ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَحَارِمِ، وَاتَّقُوا اللَّهَ، أَيْ فِيمَا تَأْتُونَ وَفِيمَا تَذَرُونَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ أَيْ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِكُمُ السرية والجهرية وسيجازيكم على ذلك.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٢]]

وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢٣٢)

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَأَنْ يُرَاجِعَهَا، وَتُرِيدَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فَيَمْنَعُهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ، فَنَهَى اللَّهُ أَنْ يمنعوها. وكذا روى العوفي عنه عن ابن عباس أيضا، وَكَذَا قَالَ مَسْرُوقٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَالضَّحَّاكُ: إِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ ظَاهِرٌ مِنَ الْآيَةِ، وَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَمْلِكُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا، وَأَنَّهُ لا بد في النكاح مِنْ وَلِيٍّ، كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا» وَفِي الْأَثَرِ الْآخَرِ «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، مُحَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كُتُبِ الْفُرُوعِ، وَقَدْ قَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ الْمُزَنِيِّ وَأُخْتِهِ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>