للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً.

وَحَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها فَأَمَّا الْمُشْرِكُ فَيُخَفَّفُ عَنْهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ أَبَدًا، وَقَدِ اسْتُدِلَّ لَهُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ عمك أَبَا طَالِبٍ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَنْصُرُكَ، فَهَلْ نَفَعْتَهُ بِشَيْءٍ؟ قَالَ «نَعَمْ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل مِنَ النَّارِ» «١» .

وَقَدْ يَكُونُ هَذَا خَاصًّا بِأَبِي طَالِبٍ مِنْ دُونِ الْكَفَّارِ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ أبو داود الطيالسي في مسنده: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ الْمُؤْمِنَ حَسَنَةً يُثَابُ عَلَيْهَا الرِّزْقَ فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِهَا فِي الدُّنْيَا فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ» .

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ فِي قَوْلِهِ: وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً: يعني الجنة، نسأل الله رضاه والجنة، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢»

: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغَيْرَةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ بِالْحَسَنَةِ الْوَاحِدَةِ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، قَالَ: فَقُضِيَ أَنِّي انْطَلَقْتُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ: بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثٌ أَنَّكَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم يقول «يجزى العبد بالحسنة ألف ألف حسنة» فقلت: ويحكم ما أحد أكثر مني مجالسة لأبي هريرة، وما سمعت هذا الحديث منه فَتَحَمَّلْتُ أُرِيدُ أَنَّ أَلْحَقَهُ فَوَجَدْتُهُ قَدِ انْطَلَقَ حاجا، فانطلقت إلى الحج في طلب هذا الحديث فلقيته فقلت: يا أبا هريرة:

إن الله يضاعف الحسنة ألف ألف حسنة قَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانَ، وَمَا تَعْجَبُ مِنْ ذَا وَاللَّهُ يَقُولُ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً [البقرة: ٢٤٥] وَيَقُولُ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [التَّوْبَةِ: ٣٨] وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ لِيُضَاعِفُ الْحَسَنَةَ أَلْفَيْ أَلْفِ حَسَنَةٍ» قال: وهذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عنده مناكير، ورواه أحمد «٣» أيضا فَقَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ أَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ: إِنَّ الْحَسَنَةَ تُضَاعَفُ أَلْفَ أَلْفِ حسنة! قال: وما أعجبك من ذلك؟ فو الله لقد سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لِيُضَاعِفُ الْحَسَنَةَ أَلْفَيْ أَلْفِ حَسَنَةٍ» .


(١) صحيح البخاري (مناقب الأنصار باب ٤٠) وصحيح مسلم (إيمان حديث ٣٥٧) .
(٢) مسند أحمد ٥/ ٥٢١.
(٣) مسند أحمد ٢/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>