للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للإسلام، ويبيّتون الشرّ للمسلمين، وبعد أن عاين المسلمون ما وقع أو ما سيقع للمنافقين من سوء حال وشر منقلب، وخسران للدنيا والآخرة- بعد هذا كان على المسلمين أن يراقبوا أنفسهم، وأن يأخذوا حذرهم من أن يردوا هذا المورد الآسن الآثم.. فجاء قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ» منبها لهم ومحذّرا، أن من يرتدّ منهم عن دينه كما ارتدّ هؤلاء المنافقون الذين عرفوا أمرهم ومصيرهم، فستكون عاقبة المرتد منهم هى نفس عاقبة أولئك المنافقين: النّدم والحسرة والخزي والخسران المبين..

والارتداد، معناه الرجوع إلى وراء، والعودة من المكان الذي كان قد تحرك منه المرتدّ إلى الأمام.. وهذا يعنى أنه يهدم ما بنى، وينقض ما غزل ولا يفعل ذلك إلا سفيه أحمق! وفى إضافة الدّين إلى المؤمن، وبلفظ المفرد. هكذا: «عَنْ دِينِهِ» ما يلفت المؤمن إلى هذا الدين الذي دخل فيه، وأصبح من أهله، وأنه دينه هو، وثمرته عائدة عليه وحده، وأنه الدّين الذي ينبغى أن يعيش فيه، ويشتدّ حرصه عليه.

إذ هو الدين الذي يدين به كل عاقل.. إنه دينه، إن كان من أهل العقل والرشاد.

وقوله تعالى: «فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ» هو معطوف على جواب الشرط، وليس جوابا للشرط، وإن كانت الفاء الواقعة فى جواب الشرط تشير إلى هذا الجواب..

ويكون معنى الآية هكذا: يا أيها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسيلقى مالقى هؤلاء المنافقون الذين ارتدوا، من نكال وبلاء وسوء مصير، ثم إنّه لن يضرّ الله شيئا، ولن يضير المسلمين فى شىء، لأنه سيخلى مكانه، الذي كان له

<<  <  ج: ص:  >  >>