للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي هى له ولأمه.. فهو ابن مريم لا ابن الله، وأمّه أمة من إماء الله، لها ولد كما للنساء أولاد.

وفى سؤال المسيح: «أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ» أخذ اعترافه وإقراره على هؤلاء الذين ألبسوه وأمه هذا الثوب الإلهى، وعبدوهما من دون الله.

وفى هذا الإقرار خزى بعد خزى وإذلال بعد إذلال لهم، حيث يكشف المسيح عن وجهه ووجهه أمّه أمام هؤلاء الذين ضلّوا، ورأوا فيه وفى أمّه غير الحق..

ويواجه المسيح هؤلاء الذين كفروا بالله، وجعلوا المسيح وأمه إلهين- يواجههم بما يخزيهم ويبهتهم، ويملأ قلوبهم حسرة وندما: «سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ» والذي ليس لى بحق هو أنى لست إلها ولا ابن إله، والذي هو لى بحق أنى عبد الله ورسوله.. فإن كنت قلت ما ليس لى بحق فقد علمته، وعلىّ تبعة هذا القول المنكر العظيم.. إن يكن قد كان منىّ..

وفى قوله: «تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» توكيد لما بين المسيح وبين الألوهية من بعد بعيد.. فلو أنه كان إلها لعلم ما يعلم الله، ولكنه لا يعلم حتى ما اشتملت عليه ذاته، وسكن فى كيانه.. أمّا الله سبحانه فهو يعلم كل شىء.. لا يعزب عنه مثقال ذرّة فى السموات ولا فى الأرض..

هذا وسنعرض لألوهية المسيح، ودعوى الذين يدعونها له فى مبحث خاص، بعد ختام هذه السورة..

وفى جواب المسيح: «ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ» إشارة إلى أن المسيح مأمور، وأنه لا يقول شيئا من عنده، وإنما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>