للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كل كائن أن يسبّح لله به، إذ هو الذي خلقه وأوجده من عدم.. والوجود بالإضافة إلى العدم نعمة تستأهل الشكر، وتستوجب الحمد.. فأى موجود- على أية صفة، وعلى أي حال- هو نفحة من نفحات الله سبحانه، وعطاء من عطائه، وصنعة من صنعته، وليس كذلك العدم، الذي هو فناء مطلق، وتيه وضياع أبدىّ.. إنه لا شىء، وشىء خير من لا شىء! إن أي موجود- على أية صفة وعلى أي حال- هو مجلى قدرة الله، وآية من آيات تلك القدرة الخالقة المبدعة المصوّرة، وإشارة دالة على وجود الخالق، إذ لا يعرف الخالق إلا بما خلق..

وفى أول ما تلقّى النبىّ الكريم من ربّه: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» فكانت صفة الربوبية والخلق أول ما صافح أذن النبىّ، ومسّ شغاف قلبه من صفات الحق جلّ وعلا.. فالربوبية والخلق صفتان متلازمتان ... إذ لا ربوبية إلا لمربوبين، ولا خلق بغير ربوبية، تمسك الخلق، وتحفظ عليهم وجودهم..

ومن هنا ندرك بعض السرّ فى أن كانت فاتحة الكتاب، مفتتحا لرسالة الإسلام وكتابها الكريم، وأن كانت صلاتنا- وهى عماد ديننا- وتسبيحا بالفاتحة، وأن كان الحمد مفتتح الفاتحة.

وقوله سبحانه: «الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ» هو صفة الله، المحمود بما خلق من السموات والأرض، وما أبدع فى خلقه، وخالف بين مخلوقاته، فجعل الظلمات وجعل النور..

وهنا أمور يجب الوقوف عندها:

فأولا: جمع السموات وإفراد الأرض..

وفى القرآن الكريم، جاءت السموات بلفظ الجمع، كما جاءت بلفظ المفرد:

هكذا «السماء» .. ولم تجىء الأرض إلا بلفظ المفرد هكذا: «الأرض» .

<<  <  ج: ص:  >  >>