للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير: بعد أن عرض الله للنبىّ- صلوات الله وسلامه عليه- هذا العرض الكاشف للمشركين، وما يلقون فى موقف الحساب من خزى وهوان، وما يذوقون فى جهنم من نكال وعذاب- بعد هذا العرض الذي يرى فيه النبىّ عاقبة المكذبين به- يلقى الله سبحانه النبىّ الكريم بهذه المواساة الكريمة، وهذا العزاء الجميل، لما يلقاه من قومه من تكذيب له، واستهزاء به..

وفى قوله تعالى: «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ» استجابة لسكاة النبىّ قبل أن يشكو، وفى هذا تطمين لقلبه، وتثبيت لقدمه، وأن الله يرعاه، ويعلم ما يجد فى نفسه من حزن وألم، لما يرميه به قومه من باطل القول، وزور الكلم.. وهم يعلمون أنه الإنسان الذي لا يكذب أبدا..

وفى قوله تعالى: «فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ» ردّ اعتبار للنبىّ عند هؤلاء الذين اتهموه بالكذب زورا وبهتانا.. وقد كشف الله ما فى نفوسهم عن النبي ورأيهم فيه.. فهم فى دخيلة أنفسهم لا يكذبون «محمدا» .. إنهم يعلمون عن يقين أنه ما قال ولن يقول كلمة الكذب. بل هو عندهم فوق مستوى الشبهة فيما يشين الناس، وينزل من قدرهم.. «وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ» .. إنهم لظلمهم، وعنادهم يرون الحق ويستيقنونه، ثم لا تطاوعهم أنفسهم على الإقرار به، والولاء له.. ولو جاءتهم كل آية لا يؤمنون بها.. وهكذا يفعل العناد بأهله، ويقطع عليهم الطريق إلى الحق والهدى، ويحجزهم عنه الخبر والفلاح.

وفى قوله تعالى: «وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ» تهديد ووعيد لهؤلاء المشركين.. إنهم لا يكذبون محمدا ولكنّهم يكذبون بآيات الله التي بين يديه.. فانظر كيف هذا التناقض العجيب منهم.. يؤمنون بمحمد وبصدقه

<<  <  ج: ص:  >  >>