للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير: وهذا مظهر آخر من مظاهر جلال الله وقدرته، وبسطة سلطانه، وسعة علمه..

فهو سبحانه، هو الذي يرجى لكشف الملمّات، ويدعى عند الشدائد.

حيث تضل عن العقول كل تلك الخرافات التي يعبدها الضالون، ويتعامل معها المشركون..

وقوله تعالى: «مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ» ؟.

استفهام تقريرى، مطلوب الجواب عليه، ممن يدخلون فى مثل هذه التجربة القاسية، التي لا يسلم منها إنسان، فى جميع أحواله وظروفه..

وفى قوله تعالى: «مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ» إشارة إلى أن الشدائد التي تصيب الإنسان فى البر والبحر، هى ظلمات تحجب عنه الرؤية، وتعمّى عليه طريق النجاة، فلا يجد إلا الاستسلام، واللّجأ إلى الله.

والتضرع: التذلل والمسكنة.. والخفية: التخافت، والهمس..

وهذا ما يفعله الكافرون والمشركون، خوفا من أن يفتضح حالهم، وذلك حين تكون الشدة الممسكة بهم غير قاهرة، فإذا كانت الشدة مطبقة ضاغطة، كان منهم الضّراعة والتذلل.. علانية وصراخا..

وفى قوله تعالى: «لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ» ما يكشف عن تلك الطبائع المنكرة، وهذه القلوب القاسية، التي تأبى أن تخلص الإيمان، حتى وهى فى مواجهة الموت، فلا يدعون الله دعاء من هو حاضر فى نفوسهم، مستول على كيانهم، بل يدعونه دعاء الغائب، البعيد عنهم.. «لَئِنْ أَنْجانا» ولم يقولوا لئن أنجيتنا.. لأنهم لا يعرفونه، ولا يعلمون أنه قريب منهم، يسمع سرّهم ونجواهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>