للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله، من بلاء ونكال ثم يسلك طريقهم، ويتبع سبيلهم.. إنه بهذا يردّ إلى الوراء، على وضع مقلوب: «وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا» .. وليس ثمة عذر يقوم لهذه العودة إلى القهقرى، «بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ» وأرانا الهدى مشرقا وضيئا، وأقامنا على الصراط المستقيم..

أفبعد هذا ينتظم المؤمنين ركب مع هؤلاء الضالين، الذين لم يعرفوا غير الظلام لونا، ولا غير الضلال طريقا؟

أنردّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، ونكون كالذى استهوته الشياطين فى الأرض حيران، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى، ويمدّون إليه أيديهم بحبل النجاة، فلا يستجيب لهم، ولا تعلق يده بحبالهم؟.

وفى قوله تعالى: «لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا» إشارة إلى أن المؤمنين هم دعاة هدى مع النبىّ، يحملون إلى الناس هذا الخير الذي بين أيديهم، ويطعمونهم مما طعموا منه.. إن ذلك أشبه بالزكاة المفروضة على المسلمين للفقراء والمساكين.. وهؤلاء المشركون هم فقراء ومساكين، يستحقون العطف والإحسان.. ولكن كثيرا منهم يموت على ضلاله وكفره، دون أن يمد يده إلى تلك اليد التي تقدم له مركب النجاة! وقوله سبحانه: «قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى» يحتمل وجهين:

الوجه الأول: هو أنه وصف للقرآن الكريم، ولما حمل من شريعة، وأنه هو هدى الله، وكل ما سواه باطل وضلال.. وهذا الوصف الذي وصف به القرآن هو وصف لكل كتاب سماوىّ، ولكل شريعة سماوية..

والوجه الآخر هو أن الهدى الذي يؤثّر أثره فى النفوس، فيستجيب المدعوون إليه- هو ما وقع فى نفوس أراد الله لها الخير، ويسر لها السبيل إليه.. أما من لم يرد الله أن يهديه فلا هادى له أبدا.. وفى هذا يقول الله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>