للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير: فى الآيات السابقة جاء قوله تعالى: «يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ» ليلفت الناس- وهم فى أول لقائهم بهذه الحياة- إلى ما فى الأرض وما عليها من خير كثير، بثّه الله فيها، وأن أول ما ينبغى أن يحصّلوه من هذا الخير، أن يستروا سوآتهم، ليخرجوا من عالم الحيوان، وليكونوا الإنسان الذي جعله الله خليفة له فى الأرض. ثم ليتجملوا بعد هذا، ويتزينوا بما شاءوا، ثم ليستروا كيانهم الداخلى ويجملوه بالتقوى.

وفى هذه الآيات يدعو الله النّاس- بعد أن استوفوا حظوظهم من زينة الحياة، وصار إلى أيديهم الكثير منها- يدعوهم إلى ألّا تكون هذه الزينة التي اتخذوها حلى يتحلّون بها فى أوقات لهوهم، أو فى محافلهم وأنديتهم، وحسب، وإنما الذي ينبغى أن يتزينوا له، ويحتفوا بلقائه قبل كل شىء، هو بيت الله الذي يقفون فيه بين يدى الله، يناجونه ويوجهون وجوههم إليه.

فهذا الاحتفاء ببيوت الله، وهذا الإعداد والتجمّل للقاء الله فيها، هو مما يقيم فى كيان المؤمن مشاعر التوقير والإجلال لهذا اللقاء، وممّا يهيئ كيان الإنسان الداخلى لمناجاة ربّه، بعد أن تطهّر وتزيّن لهذا اللقاء العظيم..

وقوله تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»

<<  <  ج: ص:  >  >>