للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير: هنا يدعو موسى ربّه أن يكتب له ولقومه فى هذه الدنيا حسنة، وفى الآخرة حسنة، أي يجعل لهم حظّا من رحمته فى الدنيا والآخرة، بعد أن تابوا إليه وقالوا: «إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ» أي رجعنا إليك بعد أن فارقناك بعبادة غيرك.. والمراد بالحسنة فى الدنيا: النعم، وسعة الرزق، وعبّر عنها بالحسنة، لأنها مما يحسن وقعه وأثره فى النفوس.

وقوله تعالى: «قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ» .. هو بيان لحكم الله تعالى فى عباده.. فعذابه واقع على من يشآء من عباده، وليس على كل عباده، وإنما هو نازل بأهل الكفر والضلال..

وأما رحمته فهى عامة شاملة، تسع الوجود كلّه، وهى على سعتها، وعمومها وشمولها، لا ينالها إلا أهل طاعته الذين آمنوا واتقوا..

وقوله تعالى: «فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ» هو ردّ على طلب موسى فى قوله مخاطبا ربّه: «وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ» .. المراد بالكتابة التقدير والوقوع، والجعل، والشمول، وعبّر عن ذلك بالكتابة لأنها أوثق وأثبت.

والمعنى: إن رحمة الله مع أنها عامة شاملة، تسع الوجود كلّه- لا تنال إلّا الذين آمنوا بالله، وأخلصوا دينهم لله.

والذي ينبغى الالتفات إليه هنا، هو أن الله سبحانه وتعالى لم يستجب

<<  <  ج: ص:  >  >>