للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتصدّون لقريش، ويتعرضون لعيرها، ثم لا يقفون عند هذا، بل يخفّون للقائها فى ميدان القتال! وقد ردّ الله سبحانه وتعالى على هؤلاء المنافقين والذين فى قلوبهم مرض، بما يكبتهم ويخرس ألسنتهم، ويملأ قلوبهم حسرة وكمدا.. فقال تعالى:

«وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» فهؤلاء المسلمون- وإن كانوا قلة- قد كان لهم من التوكل على الله، والثقة فيه، ما يجعل من قلتهم كثرة، ومن ضعفهم قوة. فهم أعزّاء أقوياء، بعزّة العزيز الحكيم، وقوته..

والمنافقون والذين فى قلوبهم مرض: هم من كان فى المدينة من منافقى اليهود، وغيرهم.

وقوله تعالى: «وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ» .

إشارة إلى ما حلّ بالمشركين الذين خرجوا من ديارهم بطرا ورثاء الناس، من بلاء ونكال فى يوم بدر الذي خرجوا له، وهم على تلك الحال التي كانت تستولى عليهم من الزّهو والخيلاء.. فهاهم أولاء يتلقّون الصفعات على وجوههم، والضربات على أدبارهم، كما يفعل بعيدهم وإمائهم..!

فأين العزّة والمنعة؟ وأين السطوة والجاه؟ لقد تعرّوا من هذا كلّه، ولبسوا ثوب الخزي والمهانة، ونزلوا إلى أسوأ مما كان عليه الأرقاء.. من عبيد وإماء! وإذا كانت تلك الأيدى التي تناولتهم بالصفع على وجوههم، وتلك الأرجل التي أخذتهم بالرّكل على أدبارهم، أيديا خفيّة لا ترى، لأنها يد القوى السماوية التي سلطها الله عليهم يومئذ- فإنّ هناك أيديا شوّهت هذه الوجوه

<<  <  ج: ص:  >  >>