للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» .

فهذه ثلاث دعائم من العدل، يقوم عليها هذا القتال: قتال فى سبيل الله، بين الإيمان والشرك، ودفع لعدوان المشركين على المؤمنين، ووقوف بالقتال عن مجاوزة إلى اعتداء المؤمنين على المشركين! تلك هى الدعائم التي يقوم عليها قتال المسلمين أبدا مع مقاتليهم على أية ملة، وفى أي زمان ومكان.. فماذا ينسخ من تلك الدعائم، وما داعية نسخها؟ لا نجد جوابا مقنعا.

وقوله تعالى: «وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ» .

هو من تمام البيان لهذه القضية، قضية القتال بين المسلمين ومشركى قريش، فحين يلتقى بهم المسلمون فى ميدان القتال، فلا يتحرج المسلمون من قتلهم حيث التقوا بهم، من غير أن تعطفهم عليهم عاطفة قرابة أو نسب، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم، أو إخوانهم، فلقد بدءوا هم المسلمين بالعدوان، وأخرجوهم من ديارهم، وفتنوا بعضهم عن دينهم، ولا يزالون يفتنون من قدروا عليه منهم، بما يسلطون عليه من عذاب ونكال «وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ» إذ المفتتن فى دينه قد أصيب بما هو أشد وأنكى من القتل، قد خسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين!.

فإذا كان القتال فى المسجد الحرام، أي فى البلد الحرام مكة، فلا يبدؤهم المسلمون بقتال فيه حتى يكون المشركون هم الذين بدءوه، وعندئذ تحل حرمة الحرم، اقتصاصا ممن أحلوا حرمته: «وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>