للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهنا قضية الخمر والميسر، وقضية القدر الواجب إنفاقه من مال ذوى المال، ثم قضية اليتامى وحقهم فى المجتمع ومكانهم فيه.

ويلاحظ أن هناك قضية كانت مثارة من قبل، وهى قضية الأشهر الحرم وما يقع فيها من قتال، وأن هذه القضايا قد انعزلت عنها، فلم تعطف عليها، ولم تدرج معها فى سجل واحد، ولهذا جاءت منقطعة عنها، فلم يقع بينهما حرف عطف.

وفيما يبدو لنا- والله أعلم- أن هذه القضايا الثلاث تختلف فى موضوعها عن قضية الأشهر الحرم. ولهذا كان لها هذا الوضع الخاص الذي سمح لها بأن تنحاز جانبا، وتنظر فى غير مواجهه سابقتها.

فموضوع الأشهر الحرم يتناول رفع الحرج والحظر عن أمر كان محرما محظورا، ولكنه رفع مؤقت، جاء نتيجة لعارض عرض، فإذا زال هذا العارض زال رفع الحرج، وعادت الحرمة والحظر.

أما موضوع الخمر والميسر فعلى عكس هذا، إذ هو يعرض لأمر كان مباحا ديانة وعرفا فى حياة الجاهلية، فيؤثّمه ويجرّمه. فالخمر والميسر مما كانت الجاهلية تعيش فيهما، وتشتغل بهما فى غير تحرج أو تأثم من أمردين أو ناموس مجتمع.

وأما قضية النفقة الواجبة فى مال ذوى المال فهى فى المباح المطلق، ويراد له هنا أن تحدد حدوده، وتوضح معالمه.. وكذلك الشأن فى اليتامى وحقهم فى المجتمع..

إذ كان هذا الحق مجهّلا، فرفعت جهالته وعرف وجهه. فهناك- فى حرمة الأشهر الحرم- حرام ترفع حرمته، وهنا- فى القضايا الثلاث- حلال يحرّم، أو تقام حدوده، أو ترفع جهالته.. ولهذا كان القطع، وعدم التعاطف بين الأمرين.

وننظر فى هذه القضايا الثلاث فنجد:

<<  <  ج: ص:  >  >>