للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير:

قوله تعالى: «كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ..» .

خلت: أي مضت، وتركت ما كانت تشغله خاليا منها..

وفى قوله تعالى: «كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ» - تنويه بقدر النبىّ، وبشأن رسالته التي أرسل بها.. وأنها وإن تكن مسبوقة برسالات النبيين من قبله- فإنها ذات صفة خاصة، وشأن فريد، اختصت به، حتى لقد أصبحت بهذه الخصوصية، بحيث لا تشبه بالرسالات التي سبقتها، وأنه إذا أريد تشبيهها فلا مشبه لها إلا ما كان مثلها.. وإذا لم يكن هناك ما هو مثلها، شبهت بنفسها هى، «كذلك أرسلناك» أي مثل إرسالك هذا الذي لا شبيه له، أرسلناك.. «فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ» أي أرسلناك فى أمة قد مضت من قبلها أمم، وقد جرت على هذه الأمم سنة الله فى خلقه، فكان فى الماضي منها عبرة وعظة لمن يخلقها ويجىء بعدها..

وفى تعدية الفعل «أرسلناك» بحرف الجر «فى» بدل الحرف «إلى» الذي يتعدى به هذا الفعل دائما- إشارة إلى أن النبىّ هو من صميم هذه الأمة حتى لكأنها أشبه بالظرف الذي يحتويه زمانا، ومكانا، ومجتمعا..

فهو ليس طارئا على هذه الأمة، مستدعى إليها من خارج ذاتها.. وإنما هو فى الصميم منها..

<<  <  ج: ص:  >  >>