للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاستفهام الأمر: أي انظر كيف ضرب الله مثلا.. والكلمة الطيبة، هى كل كلمة جاءت من واردات الحقّ، والخير.. والكلمة الخبيثة، ما كانت من واردات الباطل، والضلال، والشر.. وكلمة «لا إله إلا الله» هى مجمع كل كلمة طيبة.. فمن لم تسكن إلى قلبه هذه الكلمة لا يجىء منه طيب أبدا..

وضرب المثل: سوقه وعرضه.. والأصل فيه ضرب الشيء بالشيء ليخرج منهما شىء آخر، كضرب اللبن بالمخض ليخرج منه الزّبد.. ومنه الضّرب وهو عسل النحل الذي يكون من ضرب أخلاط رحيق الزهر بعضها ببعض.

والمثل الذي ضربه الله سبحانه وتعالى للكلمة الطيبة، هو الشجرة الطيبة:

«ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها..»

والشجرة الطيبة.. هى أية شجرة يحصّل منها الناس النفع، ويجنون الخير..

وأكثر الشجر الطيب طيبا، هو ما كثر خيره، واتصل عطاؤه، وقلّ الجهد المبذول فى تنميته وتثميره..

ولعل «النخلة» أطيب شجرة وأكرمها، وأقربها وفاء بهذه الصفات التي وصف الله سبحانه وتعالى بها تلك الشجرة الطيبة: «أَصْلُها ثابِتٌ.. وَفَرْعُها فِي السَّماءِ.. تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها..»

فالنخلة أكثر الشجر ضربا فى أعماق الأرض، وأطولها امتدادا إلى أعنان السماء، وهى لهذا كانت من الأشجار المعمّرة.. ثم هى من جهة أخرى أقلّ الأشجار المثمرة حاجة إلى عناية ورعاية، وحراسة متصلة من الآفات.. فما هى إلا أن تعلق نواتها بالأرض حتى تضرب بجذورها فى أعماق الثرى، باحثة عن الماء، حتى تبلغه، وتقيم وجودها على مصدر دائم من الرىّ لا ينقطع.. وكما امتدت جذورها فى الأرض، طال فرعها فطاول السماء، باحثا عن الضوء

<<  <  ج: ص:  >  >>