للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينت الآية السابقة حدود الطّلاق، وأنه مرّتان تنتهى بعدهما علاقة الزوجية بين الزوجين، ويصبح كل منهما أجنبيا عن الآخر، وقد أشارت الآية السابقة أيضا إلى ما انتهى إليه الموقف بعد هذا، فقال تعالى «فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ» أي رجعة بعقد ومهر جديدين، أو التطليقة الثالثة.

وفى هذه الآية يبين الله تعالى الموقف بين الزوجين بعد أن ينتهى الأمر بينهما إلى التطليقة الثالثة، حيث يقول سبحانه: «فَإِنْ طَلَّقَها» أي الطلقة الثالثة- لفظا أو حكما- «فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ» أي تصبح هذه المرأة أكثر من أجنبية عنه، فليس له أن يتقدم إلى خطبتها إلا بعد أن تتزوج غيره ثم يطلقها ذلك الغير، ثم تنقضى عدتها من ذلك الغير، وعندئذ فقط يحلّ له أن يخطبها، بعقد ومهر جديدين.

وقوله تعالى: «فَإِنْ طَلَّقَها» أي الزوج الآخر «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا» أي يراجع كل منهما الآخر فى الزواج وإعادة الأمور بينهما إلى ما كانت عليه.. «إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ» أي إن غلب على ظنهما أنهما سيعودان إلى الحياة الزوجية السليمة، بعد أن يعزلا عنها ما كان سببا فى الخلاف الذي نجم عند الانفصال بينهما، فتقوم الحياة الزوجية بينهما على الحدود التي رسمها الله للزوجين.. «وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» فيفيدهم العلم ويعملون به، ويقيمون سلوكهم عليه.

وفى قوله تعالى: «حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ» فوق أنه تأديب للزوج، فيه إثارة لحميته، وبعث لغيرته أن تصبح هذه التي كانت زوجا له وحرما غير مباح من حرماته- أن تصبح ليد غيره، حمى مستباحا له، محرّما على غيره، وعلى هذا الذي كانت له من قبل.. وفى هذا ما يبعث فى الزوج رغبة فى إمساكها قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>